ثم أمر سبحانه المؤمنين بأن يجتهدوا في مقاتلة من يليهم من الكفار وأن يأخذوا في حربهم بالغلظة والشدة والجهاد واجب لكل الكفار وإن كان الابتداء بمن يلي المجاهدين منهم أهم وأقدم ثم الأقرب فالأقرب ثم أخبرهم الله بما يقوي عزائمهم ويثبت أقدامهم فقال : 123 - { واعلموا أن الله مع المتقين } أي بالنصرة لهم وتأييدهم على عدوهم ومن كان الله معه لم يقم له شيء .
وقد أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : نسخ هؤلاء الآيات { انفروا خفافا وثقالا } و { إلا تنفروا يعذبكم } قوله : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } يقول : لتنفر طائفة وتمكث طائفة مع رسول الله A فالماكثون مع رسول الله A هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو ولعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عنه نحوه من طريق أخرى بسياق أتم وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في هذه الآية قال : ليست هذه الآية في الجهاد ولكن لما دعا رسول الله A على مضر بالسنين أجدبت بلادهم فكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يخلوا بالمدينة من الجهد ويقبلوا بالإسلام وهم كاذبون فضيقوا على أصحاب رسول الله A وأجهدوهم فأنزل الله يخبر رسوله أنهم ليسوا بمؤمنين فردهم إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم فذلك قوله : { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } وفي الباب روايات عن جماعة من التابعين وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } قال : الأدنى فالأدنى وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك مثله وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سئل عن غزو الديلم فقال : سمعت رسول الله A يقول : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } قال : الروم وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : { وليجدوا فيكم غلظة } قال : شدة