قوله : 10 - { دعواهم } أي دعاؤهم ونداؤهم وقيل : الدعاء العبادة كقوله تعالى : { وأعتزلكم وما تدعون من دون الله } وقيل : معنى دعواهم هنا الادعاء الكائن بين المتخاصمين والمعنى : أن أهل الجنة يدعون في الدنيا والآخرة تنزيه الله سبحانه من المعايب والإقرار له بالإلهية قال القفال : أصله من الدعاء لأن الخصم يدعو خصمه إلى من يحكم بينهما وقيل معناه : طريقتهم وسيرتهم وذلك أن المدعي للشيء مواظب عليه فيمكن أن تجعل الدعوى كناية عن الملازمة وإن لم يكن في قوله : { سبحانك اللهم } دعوى ولا دعاء وقيل معناه : تمنيهم كقوله : { ولهم ما يدعون } وكأن تمنيهم في الجنة ليس إلا تسبيح الله وتقديسه وهو مبتدأ وخبره سبحانك اللهم و { فيها } أي في الجنة والمعنى القول الأول : أن دعاءهم الذي يدعون به في الجنة هو تسبيح الله وتقديسه والمعنى : نسبحك يا ألله تسبيحا قوله : { وتحيتهم فيها سلام } أي تحية بعضهم للبعض فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل أو تحية الله أو الملائكة لهم فيكون من إضافة المصدر إلى المفعول وقد مضى تفسير هذا في سورة النساء قوله : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } أي وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح أن يقولوا : الحمد لله رب العالمين قال النحاس : مذهب الخليل أن أن هذه مخففة من الثقيلة والمعنى : أنه الحمد لله وقال محمد بن يزيد المبرد : ويجوز أن تعملها خفيفة عملها ثقيلة والرفع أقيس ولم يحك أبو عبيد إلا التخفيف وقرأ ابن محيصن بتشديد أن ونصب الحمد .
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { ورضوا بالحياة الدنيا } قال : مثل قوله : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها } الآية وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أيضا في قوله : { يهديهم ربهم بإيمانهم } قال : يكون لهم نور يمشون به وأخرج أبو الشيخ عن قتادة مثله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { يهديهم ربهم بإيمانهم } قال : حدثنا الحسن قال : بلغنا أن رسول الله A قال : [ إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة وريح طيبة فيقول له : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك عين امرئ صدق فيقول له : أنا عملك فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة وأما الكافر فإذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيقول له : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك عين امرئ سوء فيقول له : أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار ] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج نحوه وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله A : [ إذا قالوا سبحانك اللهم أتاهم ما اشتهوا من الجنة من ربهم ] وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الهذيل قال : الحمد أول الكلام وآخر الكلام ثم تلا : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين }