قوله : 64 - { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } تفسير لمعنى كونهم أولياء الله : أي لهم البشرى من الله ما داموا في الحياة بما يوحيه إلى أنبيائه وينزله في كتبه من كون حال المؤمنين عنده هو إدخالهم الجنة ورضوانه عنهم كما وقع كثير من البشارات للمؤمنين في القرآن الكريم وكذلك ما يحصل لهم من الرؤيا الصالحة وما يتفضل الله به عليهم من إجابة دعائهم وما يشاهدونه من التبشير لهم عند حضور آجالهم بتنزل الملائكة عليهم قائلين لهم : لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة وأما البشرى في الآخرة فتلقي الملائكة لهم مبشرين بالفوز بالنعيم والسلامة من العذاب والبشرى مصدر أريد به المبشر به والظرفان في محل نصب على الحال : أي حال كونهم في الدنيا وحال كونهم في الآخرة ومعنى : { لا تبديل لكلمات الله } لا تغيير لأقواله على العموم فيدخل فيها ما وعد به عباده الصالحين دخولا أوليا والإشارة بقوله : { ذلك } إلى المذكور قبله من كونهم مبشرين بالبشارتين في الدارين { هو الفوز العظيم } الذي لا يقادر قدره ولا يماثله غيره والجملتان : أعني { لا تبديل لكلمات الله } و { ذلك هو الفوز العظيم } اعتراض في آخر الكلام عند من يجوزه وفائدتهما تحقيق المبشر به وتعظيم شأنه أو الأولى اعتراضية والثانية تذييلية .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } قال : هم أهل الشرك كانوا يحلون من الأنعام والحرث ما شاءوا ويحرمون ما شاءوا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن في قوله : { إذ تفيضون فيه } قال : إذ تفعلون وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد مثله وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : { وما يعزب عن ربك } قال : لا يغيب عنه وزن ذرة { ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين } قال : هو الكتاب الذي عند الله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : { ألا إن أولياء الله } قيل : من هم يا رب ؟ قال : هم الذين آمنوا وكانوا يتقون وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : هم الذين إذا رؤوا ذكر الله وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا قال : هم الذين إذا رؤوا يذكر الله لرؤيتهم وأخرج عنه ابن المبارك والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه مرفوعا مثله وأخرجه ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير مرفوعا وهو مرسل وروي نحوه من طرق أخرى مرفوعا وموقوفا وأخرج أحمد والحكيم والترمذي عن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي A يقول : [ لا يحق العبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاء من الله وإن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم ] وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي A : [ خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله وشرار عباده المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون البرآء العنت ] وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله A : [ خياركم من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقه ورغبكم في الآخرة عمله ] وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس مرفوعا نحوه وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر مرفوعا : [ إن لله عبادا ليسوا بالأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة بقربهم ومجلسهم منهم فجثا أعرابي على ركبتيه فقال : يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا ؟ قال : قوم من أفناء الناس من نزاع القبائل تصافوا في الله وتحابوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم يخاف الناس ولا يخافون هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] وأخرج أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله A فذكر نحوه قال ابن كثير : وإسناده جيد وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري مرفوعا نحوه وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : [ سئل النبي A عن قول الله : { ألا إن أولياء الله } الآية فقال : الذين يتحابون في الله ] وأخرج ابن مردويه عن جابر مرفوعا مثله وقد ورد في فضل المتحابين في الله أحاديث ليس فيها أنهم المرادون بالآية وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن يسار [ عن رجل من أهل مصر قال : سألت أبا الدرداء عن معنى قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا } فقال : ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله A فقال : ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزل علي : هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له فهي بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الآخرة الجنة ] وفي إسناده هذا الرجل المجهول وأخرج أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي والترمذي وابن ماجه والحكيم الترمذي وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال : [ سألت رسول الله A عن قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا } قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أوترى له ] وأخرج أحمد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي [ عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله A في قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا } قال : الرؤيا الصالحة يبشر بها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة فمن رأى ذلك فليخبر بها ] الحديث وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة [ عن النبي A في الآية قال : هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له وفي الآخرة الجنة ] وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وابن مردويه وابن منده من طريق .
أبي جعفر عن جابر [ أن رسول الله A فسر البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الحبيبة وفي الآخرة ببشارة المؤمن عند الموت ] : إن الله قد غفر لك ولمن حملك إلى قبرك وأخرج ابن مردويه عنه مرفوعا مثل حديث جابر وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا الشطر الأول من حديث جابر وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس مثله وقد وردت أحاديث صحيحة بأن الرؤيا الصالحة من المبشرات وأنها جزء من أجزاء النبوة ولكنها لم تقيد لتفسير هذه الآية وقد روي أن المراد بالبشرى في الآية هي قوله : { وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا } أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأخرج ابن المنذر عنه من طريق مقسم أنها قوله : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } وأخرج ابن جرير والحاكم والبيهقي عن نافع قال : خطب الحجاج فقال : إن ابن الزبير بدل كتاب الله فقال ابن عمر : لا تستطيع ذلك أنت ولا ابن الزبير لا تبديل لكلمات الله