وقوله : 150 - { لئلا يكون للناس عليكم حجة } قيل معناه : لئلا يكون لليهود عليكم حجة إلا للمعاندين منهم للقائلين : ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه فعلى هذا المراد بالذين ظلموا : المعاندون من أهل الكتاب وقيل : هم مشركو العرب وحجتهم قولهم : راجعت قبلتنا وقيل معناه : لئلا يكون للناس عليكم حجة لئلا يقولوا لكم : قد أمرتم باستقبال الكعبة ولستم ترونها وقال أبو عبيدة : إن إلا ها هنا بمعنى الواو : أي والذين ظلموا فهو استثناء بمعنى الواو ومنه قول الشاعر : .
( ما بالمدينة دار غير واحدة ... دار الخليفة إلا دا مروانا ) .
كأنه قال : إلا دار الخليفة ودار مروان وأبطل الزجاج هذا القول وقال : إنه استثناء منقطع : أي ولكن الذين ظلموا منهم فإنهم يحتجبون ومعناه : إلا من ظلم باحتجاجه فيما قد وضح له كما تقول : ما لك علي حجة إلا أن تظلمني : أي ما لك علي حجة البتة ولكنك تظلمني وسمى ظلمه حجة لأن المحتج بها سماه حجة وإن كانت داحضة وقال قطرب : يجوز أن يكون المعنى : { لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا } فالذين بدل من الكاف والميم في عليكم ورجح ابن جرير الطبري أن الاستثناء متصل وقال : نفى الله أن يكون لأحد حجة على النبي A وأصحابه في استقبالهم الكعبة والمعنى : لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة حيث قالوا ما ولاهم وقالوا : إن محمدا تحير في دينه وما توجه إلى قبلتنا إلا أنا أخدى منه وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن أو من يهودي أو منافق قال : والحجة بمعنى المحاجة التي هي المخاصمة والمجادلة وسماها تعالى حجة وحكم بفسادها حيث كانت من ظالم ورجح ابن عطية أن الاستثناء منقطع كما قال الزجاج : قال القرطبي : وهذا على أن يكون المراد بالناس اليهود ثم استثنى كفار العرب كأنه قال : لكن الذين ظلموا في قولهم رجع محمد إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا كله وقوله : { فلا تخشوهم } يريد الناس : أي لا تخافوا مطاعنهم فإنها داحضة باطلة لا تضركم وقوله : { ولأتم نعمتي عليكم } معطوف على { لئلا يكون } أي ولأن أتم قاله الأخفش وقيل : هو مقطوع عما قبله في موضع رفع بالابتداء والخبر مضمر والتقدير : ولأتم نعمتي عليكم عرفتكم قبلتي قاله الزجاج وقيل : معطوف على علة مقدرة كأنه قيل : واخشوني لأوفقكم ولأتم نعمتي عليكم وإتمام النعمة الهداية إلى القبلة وقيل : دخول الجنة