وقوله : 152 - { فاذكروني أذكركم } أمر وجوابه وفيه معنى المجازاة قال سعيد بن جبير : ومعنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة حكاه عنه القرطبي في تفسيره وأخرجه عنه عبد بن حميد وابن جرير وقد روي نحوه مرفوعا كما سيأتي وقوله : { واشكروا لي } قال الفراء : شكر لك وشكرت لك والشكر : معرفة الإحسان والتحدث به وأصله في اللغة : الطهور وقد تقدم الكلام فيه وقوله : { ولا تكفرون } نهي ولذلك حذفت نون الجماعة وهذه الموجودة في الفعل هي نون المتكلم وحذفت الياء لانها رأس آية وإثباتها حسن في غير القرآن والكفر هنا : ستر النعمة لا التكذيب وقد تقدم الكلام فيه .
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { ولكل وجهة هو موليها } قال : يعني بذلك أهل الأديان يقول : لكل قبلة يرضونها وأخرج ابن أبي حاتم عنه أنه قال في تفسير هذه الآية : صلوا نحو بيت المقدس مرة ونحو الكعبة مرة أخرى وأخرج أبو داود في ناسخه عن قتادة نحوه وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : { فاستبقوا الخيرات } يقول : لا تغلبن على قبلتكم وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : { فاستبقوا الخيرات } قال : الأعمال الصالحة وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : { فاستبقوا الخيرات } يقول : فسارعوا في الخيرات { أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا } قال : يوم القيامة وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة قال : لما صرف النبي A نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل دينكم فأنزل الله : { لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني } وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : { لئلا يكون للناس عليكم حجة } قال : يعني بذلك أهل الكتاب حين صرف نبي الله إلى الكعبة قالوا : اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : حجتهم قولهم قد أحب قبلتنا وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ومجاهد في قوله : { إلا الذين ظلموا منهم } قال : الذين ظلموا منهم مشركو قريش أنهم سيحتجون بذلك عليكم واحتجوا على نبي الله بانصرافه إلى البيت الحرام وقالوا : سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا فأنزل الله في ذلك كله { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } يعني محمدا A وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } يقول : كما فعلت فاذكروني وأخرج أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله A : { فاذكروني أذكركم } يقول : اذكروني يا معشر العباد بطاعتي أذكركم بمغفرتي وأخرج الديلمي وابن عساكر مثله مرفوعا من حديث أبي هند الداري وزاد : فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره بمغفرتي ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس : يقول الله : [ ذكري لكم خير من ذكركم لي ] وقد ورد في فضل ذكر الله على الإطلاق وفضل الشكر أحاديث كثيرة