90 - { قالوا أإنك لأنت يوسف } قرأ ابن كثير إنك على الخبر بدون استفهام وقرأ الباقون على الإستفهام التقريري وكان ذلك منهم على طريق التعجب والاستغراب : قيل سبب معرفتهم له بمجرد قوله لهم { ما فعلتم بيوسف وأخيه } أنهم لما قال لهم ذلك تنبهوا وفهموا أنه لا يخاطبهم بمثل هذا إلا هو وقيل إنه لما قال لهم بهذه المقالة وضع التاج عن رأسه فعرفوه وقيل أنه تبسم فعرفوا ثناياه { قال أنا يوسف وهذا أخي } أجابهم بالاعتراف بما سألوه عنه قال ابن الأنباري أظهر الاسم فقال أنا يوسف ولم يقل أنا هو تعظيما لما وقع به من ظلم إخوته كأنه قال : أنا المظلوم المستحل منه المحرم المرادد قتله فاكتفى بإظها الإسم عن هذه المعاني وقال : وهذا أخي مع كونهم يعرفونه ولا ينكرونه لأن قصده وهذا أخي المظلوم كظلمي { قد من الله علينا } بالخلاص عما ابتلينا به وقيل من الله علينابكل خير في الدنيا والآخرة وقيل بالجمع بيننا بعد التفرق ولا مانع من إرادة جمبع ذلك { إنه من يتق ويصبر } قرأ الجمهور بالجزم على أن من شرطية وقرأ ابن كثير بإثبات الياء في يتقي كما في قول الشاعر : .
( ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد ) .
وقيل إنه جعل من موصولة لا شرطية وهو بعيد والمعنى : إنه من يفعل التقوى أو يفعل ما يقيه عن الذنوب ويصبر على المصائب { فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } على العموم فيدخل فيه ما يفيده السياق دخولا أوليا وجاء بالظاهر وكان المقام مقام المضمر : أي أجرهم للدلالة على أن الموصوفين بالتقوى موصوفون بصفة الإحسان