قد تقدم معنى 180 - { كتب } قريبا وحضور الموت : حضور أسبابه وظهور علاماته ومنه قول عنترة : .
( وإن الموت طوع يدي إذا ما ... وصلت بنانها بالهندواني ) .
وقال جرير : .
( أنا الموت الذي حدثت عنه ... فليس لهارب مني نجاة ) .
وإنما لم يؤنث الفعل المسند إلى الوصية وهو { كتب } لوجود الفاصل بينهما - وقيل : لأنها بمعنى الإيصاء وقد روي جواز إسناد ما لا تأنيث فيه إلى المؤنث مع عدم الفصل وقد حكى سيبويه : قام امرأة وهو خلاف ما أطبق عليه أئمة العربية وشرط سبحانه ما كتبه من الوصية بأن يترك الموصي خيرا واختلف في جواب هذا الشرط ما هو ؟ فروي عن الأخفش وجهان : .
أحدهما أن التقدير : إن ترك خيرا فالوصية ثم حذفت الفاء كما قال الشاعر : .
( من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلان ) .
والثاني : أن جوابه مقدر قبله : أي كتب الوصية للوالدين والأقربين إن ترك خيرا واختلف أهل العلم في مقدار الخير فقيل : ما زاد على سبعمائة دينار وقيل : ألف دينار وقيل : ما زاد على خمسمائة دينار والوصية في الأصل : عبارة عن الأمر بالشيء والعهد به في الحياة وبعد الموت وهي هنا : عبارة عن الأمر بالشيء لبعد الموت وقد اتفق أهل العلم على وجوب الوصية على من علية دين أو عنده وديعة أو نحوها وأما من لم يكن كذلك فذهب أكثرهم إلى أنها غير واجبة عليه سواء كان فقيرا أو غنيا وقالت طائفة : إنها واجبة ولم يبين الله سبحانه ها هنا القدر الذي كتب الوصية به للوالدين والأقربين فقيل : الخمس وقيل : الربع وقيل : الثلث وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة ؟ فذهب جماعة إلى أنها محكمة قالوا : وهي وإن كانت عامة فمعناها الخصوص والمراد بها من الوالدين من لا يرث كالأبوين الكافرين ومن هو في الرق ومن الأقربين من عدا الورثة منهم قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين الذي لا يرثان والأقرباء الذين لا يرثون جائزة وقال كثير من أهل العلم : إنها منسوخة بآية المواريث مع قوله A : [ لا وصية لوارث ] وهو حديث صححه بعض أهل الحديث وروي من غير وجه وقال بعض أهل العلم : إنه نسخ الوجوب ونفي الندب وروي عن الشعبي والنخعي ومالك قوله : { بالمعروف } أي العدل لا وكس فيه ولا شطط وقد أذن الله للميت بالثلث دون ما زاد عليه وقوله : { حقا } مصدر معناه الثبوت والوجوب