لما بين سبحانه أن مخلوقاته السماوية والأرضية منقادة له خاضعة لجلاله أتبع ذلك بالنهي عن الشرك بقوله : 51 - { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد } فنهى سبحانه عن اتخاذ إلهين ثم أثبت أن الإلهية منحصرة في إله واحد هو الله سبحانه وقد قيل إن التثنية في إلهين قد دلت على الاثنينية والإفراد في إله قد دل على الوحدة فما وجه وصف إلهين باثنين ووصف إله واحد ؟ فقيل في الجواب : إن في الكلام تقديما وتأخيرا والتقدير : لا تتخذوا إثنين إلهين إنما هو واحد إله وقيل إن التكرير لأجل المبالغة في التنفير عن اتخاذ الشريك وقيل إن فائدة زيادة إثنين هي أن يعلم أن النهي راجع إلى التعدد لا إلى الجنسية وفائدة زيادة واحد دفع توهم أن المراد إثبات الإلهية دون الواحدية مع أن الإلهية له سبحانه مسلمة في نفسها وإنما خلاف المشركين في الواحدية ثم نقل الكلام سبحانه من الغيبية إلى التكلم على طريقة الالتفات لزيادة الترهيب فقال : { فإياي فارهبون } أي إن كنتم راهبين شيئا فإياي فارهبون لا غيري وقد مر مثل هذا في أول البقرة