ثم بين سبحانه أن الإقرار والإنكار مستندان إلى مشيئته فقال : 97 - { من يهد الله فهو المهتدي } أي من يرد الله هدايته فهو المهدي إلى الحق أو إلى كل مطلوب { ومن يضلل } أي يرد إضلاله { فلن تجد لهم أولياء } ينصرونهم { من دونه } يعني الله سبحانه ويهدونهم إلى الحق الذي أضلهم الله عنه أو إلى طريق النجاة وقوله : { فهو المهتدي } حملا على لفظ من وقوله : { فلن تجد لهم } حملا على المعنى والخطاب في قوله : فلن تجد إما للنبي A أو لكل من يصلح له { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } هذا الحشر على الوجوه فيه وجهان للمفسرين : الأول أنه عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم من قول العرب : قد مر القوم على وجوههم : إذا أسرعوا الثاني أنهم يسحبون يوم القيامة على وجوههم حقيقة كما يفعل في الدنيا بمن يبالغ في إهانته وتعذيبه وهذا هو الصحيح لقوله تعالى : { يوم يسحبون في النار على وجوههم } ولما صح في السنة كما سيأتي ومحل على وجوههم النصب على الحال من ضمير المفعول و { عميا } منتصب على الحال { وبكما وصما } معطوفان عليه والأبكم : الذي لا ينطق والأصم : الذي لا يسمع وهذه هيئة يبعثون عليها في أقبح صورة وأشنع منظر قد جمع الله لهم بين عمى البصر وعدم النطق وعدم السمع مع كونهم مسحوبين على وجوههم ثم من وراء ذلك { مأواهم جهنم } أي المكان الذي يأوون إليه والجملة في محل نصب على الحال أو هي مستأنفة لا محل لها { كلما خبت زدناهم سعيرا } أي كلما سكن لهبها يقال خبت النار تخبو خبوا : إذا خمدت وسكن لهبها قال ابن قتيبة ومعنى زدناهم سعيرا تسعرا وهو التلهب وقد قيل إن في خبو النار تخفيفا لعذاب أهلها فكيف يجمع بينه وبين قوله : { لا يخفف عنهم العذاب } ؟ وأجيب بأن المراد بعدم التخفيف أنه لا يتخلل زمان محسوس بين الخبو والتسعر وقيل إنها تخبو من غير تخفيف عنهم من عذابها