29 - { فأشارت إليه } أي إلى عيسى وإنما اكتفت بالإشارة ولم تأمره بالنطق لأنها نذرت للرحمن صوما عن الكلام كما تقدم هذا على تقدير أنها كانت إذ ذاك في أيام نذرها وعلى تقدير أنها قد خرجت من أيام نذرها فيمكن أن يقال إن اقتصارها على الإشارة للمبالغة في إظهار الآية العظيمة وأن هذا المولود يفهم الإشارة ويقدر على العبارة { قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا } هذا الاستفهام للإنكار والتعجب من إشارتها إلى ذلك المولود بأن يكلمهم قال أبو عبيدة : في الكلام حشو زائد والمعنى : كيف نكلم صبيا في المهد كقول الشاعر : .
( وجيران لنا كانوا كرام ) .
وقال الزجاج : الأجود أن تكون من في معنى الشرط والجزاء والمعنى : من يكون في المهد صبيا فكيف نكلمه ورجحه ابن الأنباري وقال : لا يجوز أن يقال إن كان زائدة وقد نصبت صبيا ويجاب عنه بأن القائل بزيادتها يجعل الناصب له الفعل وهو نكلم كما سبق تقديره وقيل إن كان هنا هي التامة التي بمعنى الحدوث والوجود ورد بأنها لو كانت تامة لاستغنت عن الخبر والمهد هو شيء معروف يتخذ لتنويم الصبي والمعنى كيف نكلم من سبيله أن ينوم في المهد لصغره وقيل هنا حجر الأم وقيل سرير كالمهد