سورة الحج .
وهي ثمان وسبعون آية .
اختلف أهل العلم هل هي مكية أو مدينة ؟ فأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة الحج بالمدينة وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن الحج غير أربع آيات مكيات { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } إلى { عذاب يوم عقيم } وحكى القرطبي عن ابن عباس أنها مكية سوى ثلاث آيات وقيل أربع آيات إلى قوله { عذاب الحريق } وحكي عن النقاش أنه نزل بالمدينة منها عشر آيات قال القرطبي وقال الجمهور : إن السورة مختلطة منها مكي ومنها مدني قال : وهذا هو الصحيح قال العزيزي : وهي من أعاجيب السور نزلت ليلا ونهارا سفرا وحضرا مكيا ومدنيا سلميا وحربيا ناسخا ومنسوخا محكما ومتشابها وقد ورد في فضلها ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر قال [ قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال : نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما ] قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بالقوي وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي عن خالد بن معدان أن رسول الله A قال : [ فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين ] وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والإسماعيلي وابن مردويه والبيهقي عن عمر أنه كان يسجد سجدتين في الحج وقال : إن هذه السورة فضلت على سائر القرآن بسجدتين وقد روي عن كثير من الصحابة أن فيها سجدتين وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعضهم : إن فيها سجدة واحدة وهو قول سفيان الثوري وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس وإبراهيم النخعي .
لما انجر الكلام في خاتمة السورة المتقدمة إلى ذكر الإعادة وما قبلها وما بعدها بدأ سبحانه في هذه السورة بذكر القيامة وأهوالها حثا على التقوى التي هي أنفع زاد فقال : 1 - { يا أيها الناس اتقوا ربكم } أي احذروا عقابه بفعل ما أمركم به من الواجبات وترك ما نهاكم عنه من المحرمات ولفظ الناس يشمل جميع المكلفين من الموجودين ومن سيوجد على ما تقرر في موضعه وقد قدمنا طرفا من تحقيق ذلك في سورة البقرة وجملة { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } تعليل لما قبلها من الأمر بالتقوى والزلزلة شدة الحركة وأصلها من زل عن الموضع : أي زال عنه وتحرك وزلزل الله قدمه : أي حركها وتكرير الحرف يدل على تأكيد المعنى وهو من إضافة المصدر إلى فاعله وهي على هذا : الزلزلة التي هي أحد أشراط الساعة التي تكون في الدنيا قبل يوم القيامة هذا قول الجمهور وقيل إنها تكون في النصف من شهر رمضان ومن بعدها طلوع الشمس من مغربها وقيل إن المصدر هنا مضاف إلى الظرف وهو الساعة إجراء له مجرى المفعول أو بتقدير في كما في قوله : { بل مكر الليل والنهار } وهي المذكورة في قوله : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } قيل وفي التعبير عنها بالشيء إيذان بأن العقول قاصرة عن إدراك كنهها