عاد سبحانه إلى بيان أمر التكاليف مع الزجر لمعاصري رسول الله A من أهل الأديان عن منازعته فقال : 67 - { لكل أمة جعلنا منسكا } أي لكل قرن من القرون الماضية وضعنا شريعة خاصة بحيث لا تتخطى أمة منهم شريعتها المعينة لها إلى الأخرى وجملة { هم ناسكوه } صفة لمنسكا والضمير لكل أمة : أي تلك الأمة هي العاملة به لا غيرها فكانت التوراة منسك الأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى والإنجيل منسك الأمة التي من مبعث عيسى إلى مبعث محمد A والقرآن منسك المسلمين والمنسك مصدر لا اسم مكان كما يدل عليه هم ناسكوه ولم يقل ناسكون فيه وقيل المنسك موضع أداء الطاعة وقيل هو الذبائح ولا وجه للتخصيص ولا اعتبار بخصوص السبب والفاء في قوله : { فلا ينازعنك في الأمر } لترتيب النهي على ما قبله والضمير راجع إلى الأمم الباقية آثارهم : أي قد عينا لكل أمة شريعة ومن جملة الأمم هذه الأمة المحمدية وذلك موجب لعدم منازعة من بقي منهم لرسول الله A ومستلزم لطاعتهم إياه في أمر الدين والنهي إما على حقيقته أو كناية عن نهيه A عن الالتفات إلى نزاعهم له قال الزجاج : إنه نهي له A عن منازعتهم : أي لا تنازعهم أنت كما تقول لا يخاصمك فلان : أي لا تخاصمه وكما تقول لا يضاربنك فلان : أي لا تضاربه وذلك أن المفاعلة تقتضي العكس ضمنا ولا يجوز لا يضربنك فلان وأنت تريد لا تضربه وحكي عن الزجاج أنه قال في معنى الآية : فلا ينازعك : أي فلا يجادلنك قال : ودل على هذا { وإن جادلوك } وقرأ أبو مجلز فلا ينزعنك في الأمر أي لا يستخفنك ولا يغلبنك على دينك وقرأ الباقون { ينازعنك } من المنازعة { وادع إلى ربك } أي وادع هؤلاء المنازعين أو ادع الناس على العموم إلى دين الله وتوحيده والإيمان به { إنك لعلى هدى مستقيم } أي طريق مستقيم لا اعوجاج فيه