{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته } جواب لولا محذوف قال الزجاج : المعنى ولولا فضل الله لنال الكاذب منهما عذاب عظيم ثم بين سبحانه كثير توبته على من تاب وعظيم حكمته البالغة فقال : { وأن الله تواب حكيم } أي يعود على من تاب إليه ورجع عن معاصيه بالتوبة عليه والمغفرة له حكيم فيما شرع لعباده من اللعان وفرض عليهم من الحدود .
وقد أخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { إلا الذين تابوا } قال : تاب الله عليهم من الفسوق وأما الشهادة فلا تجوز وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك وأخرج ابن مردويه عنه قال : توبتهم إكذابهم أنفسهم فإن أكذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : من تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل وفي الباب روايات عن التابعين وقصة قذف المغيرة في خلافة عمر مروية من طرق معروفة وأخرج البخاري والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس [ أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي A بشريك بن سحماء فقال النبي A : البينة وإلا حد في ظهرك فقال : يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل رسول الله A يقول : البينة وإلا حد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ونزل جبريل فأنزل عليه { والذين يرمون أزواجهم } حتى بلغ { إن كان من الصادقين } فانصرف النبي A فأرسل إليهما فجاء هلال فشهد .
والنبي A يقول : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا إنها موجبة فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال النبي A : أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء فجاءت به كذلك فقال النبي A : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ] وأخرج هذه القصة أبو داود الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس مطولة وأخرجها البخاري ومسلم وغيرهما ولم يسموا الرجل ولا المرأة وفي آخر القصة أن النبي A قال له : [ اذهب فلا سبيل لك عليها فقال : يا رسول الله مالي قال : لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها ] وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد قال : [ جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال سل رسول الله : أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع ؟ فسأل عاصم رسول الله A : فعاب رسول الله A المسائل فقال عويمر : والله لآتين رسول الله A لأسألنه فأتاه فوجده قد أنزل عليه فدعا بهما فلاعن بينهما قال عويمر : إن انطلقت بها يا رسول الله لقد كذبت عليها ففارقها قبل أن يأمره رسول الله A فصارت سنة للمتلاعنين فقال رسول الله A : أبصروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا فجاءت به مثل النعت المكروه ] وفي الباب أحاديث كثيرة وفيما ذكرنا كفاية وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود قالوا لا يجتمع المتلاعنان أبدا