22 - قوله : { لا يأتل } أي يحلف وزنه يفتعل من الألية وهي اليمين ومنه قول الشاعر : .
( تألى ابن أوس حلفة ليردني ... إلى نسوة كأنهن مفايد ) .
وقول الآخر : .
( قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن بدرت منه الألية برت ) .
يقال ائتلى يأتلي إذا حلف ومنه قوله سبحانه : { للذين يؤلون من نسائهم } وقالت فرقة : هو من ألوت في كذا إذا قصرت ومنه لم آل جهدا : أي لم أقصر وكذا منه قوله : { لا يألونكم خبالا } ومنه قول الشاعر : .
( وما المرء ما دامت حشاشة نفسه ... بمدرك أطراف الخطوب ولا آل ) .
والأول أولى بدليل سبب النزول وهو ما سيأتي والمراد بالفضل الغنى والسعة في المال { أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله } أي على أن لا يؤتوا قال الزجاج : أن لا يؤتوا فحذف لا ومنه قول الشاعر : .
( فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ) .
وقال أبو عبيدة : لا حاجة إلى إضمار لا والمعنى : لا يحلفوا على أن لا يحسنوا إلى المستحقين للإحسان الجامعين لتلك الأوصاف وعلى الوجه الآخر يكون المعنى : لا يقصروا في أن يحسنوا إليهم وإن كانت بينهم شحناء لذنب اقترفوه وقرأ أبو حيوة { أن يؤتوا } بتاء الخطاب على الالتفات ثم علمهم سبحانه أدبا آخر فقال { وليعفوا } عن ذنبهم الذي أذنبوه عليهم وجنايتهم التي اقترفوها من عفا الربع : أي درس والمراد محو الذنب حتى يعفو كما يعفو أثر الربع { وليصفحوا } بالإغضاء عن الجاني والإغماض عن جنايته وقرىء بالفوقية في الفعلين جميعا ثم ذكر سبحانه ترغيبا عظيما لمن عفا وصفح فقال : { ألا تحبون أن يغفر الله لكم } بسبب عفوكم وصفحكم عن الفاعلين للإساءة عليكم { والله غفور رحيم } أي كثير المغفرة والرحمة لعباده مع كثرة ذنوبهم فكيف لا يقتدي العباد بربهم في العفو والصفح عن المسيئين إليهم