جملة 62 - { إنما المؤمنون } مستأنفة مسوقة لتقدير ما تقدمها من الأحكام و { إنما } من صيغ الحصر والمعنى لا يتم إيمان ولا يكمل حتى يكون { بالله ورسوله } وجملة { وإذا كانوا معه على أمر جامع } معطوفة على آمنوا داخلة معه في حيز الصلة : أي إذا كانوا مع رسول الله على أمر جامع : أي على أمر طاعة يجتمعون عليها نحو الجمعة والنحر والفطر والجهاد وأشباه ذلك وسمي الأمر جامعا مبالغة { لم يذهبوا حتى يستأذنوه } قال المفسرون : كان رسول الله A إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال النبي A حيث يراه فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن يشاء منهم قال مجاهد : وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده قال الزجاج : أعلم الله أن المؤمنين إذا كانوا مع نبيه فيما يحتاج فيه إلى الجماعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه وكذلك ينبغي أن يكونوا مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه في جمع من جموعهم إلا بإذنه وللإمام أن يأذن وله أن لا يأذن على ما يرى لقوله تعالى : { فأذن لمن شئت منهم } وقرأ اليماني على أمر جميع والحاصل أن الأمر الجامع أو الجميع هو الذي يعم نفعه أو ضرره وهو الأمر الجليل الذي يحتاج إلى اجتماع أهل الرأي والتجارب قال العلماء : كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن ثم قال سبحانه : { إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله } فبين سبحانه أن المستأذنين : هم المؤمنون بالله ورسوله كما حكم أولا بأن المؤمنين الكاملين الإيمان : هم الجامعون بين الإيمان بهما وبين الاستئذان { فإذا استأذنوك لبعض شأنهم } أي إذا استأذن المؤمنون رسول الله A لبعض الأمور التي تهمهم فإنه يأذن لمن شاء منهم ويمنع من شاء على حسب ما تقتضيه المصلحة التي يراها رسول الله A ثم أرشده الله سبحانه إلى الاستغفار لهم وفيه إشارة إلى أن الاستئذان إن كان لعذر مسوغ فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة { إن الله غفور رحيم } أي كثير المغفرة والرحمة بالغ فيهما إلى الغاية التي ليس وراءها غاية