64 - { ألا إن لله ما في السموات والأرض } من المخلوقات بأسرها فهي ملكه { قد يعلم ما أنتم عليه } أيها العباد من الأحوال التي أنتم عليها فيجازيكم بحسب ذلك ويعلم هاهنا بمعنى علم { ويوم يرجعون إليه } معطوف على ما أنتم عليه : أي يعلم ما أنتم عليه ويعلم يوم يرجعون إليه فيجازيكم فيه بما عملتم وتعليق علمه سبحانه بيوم يرجعون لا بنفس رجعهم لزيادة تحقيق علمه لأن العلم بوقت وقوع الشيء يستلزم العلم بوقوعه على أبلغ وجه { فينبئهم بما عملوا } أي يخبرهم بما عملوا من الأعمال التي من جملتها مخالفة الأمر والظاهر من السياق أن هذا الوعيد للمنافقين { والله بكل شيء عليم } لا يخفى عليه شيء من أعمالهم .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي قالا : لما أقبلت قريش عام الأحزاب نزلوا بمجمع الأسيال من رومة بئر بالمدينة قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بنقمى إلى جانب أحد وجاء رسول الله A الخبر فضر الخندق على المدينة وعمل فيه المسلمون وأبطأ رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله A ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد منها يذكر ذلك لرسول الله A ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له فإذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله } الآية وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : هي في الجهاد والجمعة والعيدين وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله : { على أمر جامع } قال : من طاعة الله عام وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عنه في قوله : { لا تجعلوا دعاء الرسول } الآية قال : يعني كدعاء أحدكم إذا دعا أخاه باسمه ولكن وقروه وقولوا له : يا رسول الله يا نبي الله وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في الدلائل عنه أيضا في الآية قال : لا تصيحوا به من بعيد يا أبا القاسم ولكن كما قال الله في الحجرات { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال : كان لا يخرج أحد لرعاف أو أحداث حتى يستأذن النبي A يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له النبي A يشير إليه بيده وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج فأنزل الله { الذين يتسللون منكم لواذا } الآية وأخرج أبو عبيد في فضائله والطبراني قال السيوطي بسند حسن عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله A وهو يقرأ هذه الآية في خاتمة سورة النور وهو جاعل أصبعيه تحت عينيه يقول : بكل شيء بصير