فقال : 34 - { الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم } أي يحشرون كائنين على وجوههم والموصول مبتدأ وخبره : أولئك أو هو خبر مبتدأ محذوف : أي هم الذين ويجوز نصبه على الذم ومعنى يحشرون على وجوههم : يسحبون عليها إلى جهنم { أولئك شر مكانا } أي تفسير مثل هذه الآية في سورة سبحان وقد قيل إن هذا متصل بقوله : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } .
وقد أخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله : { ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا } قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد : الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق فتنشق السماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس وجميع الخلق فيحيطون بالجن والإنس وجميع الخلق فيقول أهل الأرض : أفيكم ربنا ؟ فيقولون لا ثم تنشق السماء الثانية وذكر مثل ذلك ثم كذلك في كل سماء إلى السماء السابعة وفي كل سماء أكثر من السماء التي قبلها ثم ينزل ربنا في ظل من الغمام وحوله الكروبيون وهم أكثر من أهل السموات السبع والإنس والجن وجميع الخلق لهم قرون ككعوب القثاء وهم تحت العرش لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله تعالى ما بين إخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام ومن ركبته إلى فخذه مسيرة خمسمائة عام ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام وإسناده عند ابن جرير هكذا : قال حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني الحجاج بن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس فذكره وأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد هكذا : قال حدثنا محمد بن عمار بن الحرث مأمول حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد به وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند قال السيوطي : صحيح من طريق سعيد بن جبر عن ابن عباس : أن أبا معيط كان يجلس مع النبي A بمكة لا يؤذيه وكان رجلا حليما وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبأ أو معيط وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته : ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد ما كان أمرا فقال : ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالت : صبأ فبات بليلة سوء فلما أصبح أتاه أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية فقال : مالك لا ترد علي تحيتي ؟ فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ قال : أو قد فعلتها قريش ؟ قال نعم قال : فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلته ؟ قال : تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم ففعل فلم يرد رسول الله A على أن مسح وجهه من البزاق ثم التفت إليه فقال : إن وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه : اخرج معنا قال : وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحمل به جمله في جدود من الأرض فأخذه رسول الله A أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه أبو معيط فقال : أتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم بما بزقت في وجهي فأنزل الله في أبي معيط { ويوم يعض الظالم على يديه } إلى قوله : { وكان الشيطان للإنسان خذولا } وأخرج أبو نعيم هذه القصة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وذكر أن خليل أبي معيط : هو أبي بن خلف وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أيضا في قوله : { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط وهما الخليلان في جهنم وأخرج ابن مردويه عنه أيضا في قوله : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين } قال : كان عدو النبي A أبو جهل وعدو موسى قارون وكان قارون ابن عم موسى وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قال المشركون : لو كان محمد كما يزعم نبيا فلم يعذبه ربه ؟ ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ينزل عليه الآية والآيتين والسورة والسورتين فأنزل الله على نبيه جواب ما قالوا { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } إلى { وأضل سبيلا } وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { لنثبت به فؤادك } قال : لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك { ورتلناه ترتيلا } قال : رسلناه ترسيلا يقول شيئا بعد شيء { ولا يأتونك بمثل } يقول : لو أنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عنده ما يجيب ولكن نمسك عليك فإذا سألوك أجبت