57 - { وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } أي قال مشركو قريش ومن تابعهم : إن ندخل في دينك يا محمد نختطف من أرضنا : أي يختطفنا العرب من أرضنا : يعنون مكة ولا طاقة لنا بهم وهذا من جملة أعذارهم الباطلة وتعللاتهم العاطلة والتخطف في الأصل هو الانتزاع بسرعة قرأ الجمهور { نتخطف } بالجزم جوابا للشرط وقرأ المنقري بالرفع على الاستئناف ثم رد الله ذلك عليهم ردا مصدرا باستفهام التوبيخ والتقريع فقال : { أولم نمكن لهم حرما آمنا } أي ألم نجعل لهم حرما ذا أمن قال أبو البقاء : عداه بنفسه لأنه بمعنى جعل كما صرح بذلك في قوله : { أولم يروا أنا جعلنا حرما } ثم وصف هذا الحرم بقوله : { يجبى إليه ثمرات كل شيء } أي تجمع إليه الثمرات على اختلاف أنواعها من الأراضي المختلفة وتحمل إليه قرأ الجمهور { يجبى } بالتحتية اعتبارا بتذكير كل شيء ووجود الحائل بين الفعل وبين ثمرات وأيضا ليس تأنيث ثمرات بحقيقي واختار قراءة الجمهور أبو عبيد لما ذكرنا وقرأ نافع بالفوقية اعتبارا بثمرات وقرأ الجمهور أيضا { ثمرات } بفتحتين وقرأ أبان بضمتين جمع ثمر بضمتين وقرئ بفتح الثاء وسكون الميم { رزقا من لدنا } منتصب على المصدرية لأن معنى يجبى : نرزقهم ويجوز أن ينتصب على أنه مفعول له لفعل محذوف : أي نسوقه إليهم رزقا من لدنا ويجوز أن ينتصب على الحال أي رازقين { ولكن أكثرهم لا يعلمون } لفرط جهلهم ومزيد غفلتهم وعدم تفكرهم في أمر معادهم ورشادهم لكونهم ممن طبع الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة .
وقد أخرج الفريابي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة في قوله : { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } قال : نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني واستجبت لكم قبل أن تدعوني وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عنه في وجه آخر بنحوه وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال : [ سألت النبي A عن قوله : { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } ما كان النداء وما كانت الرحمة قال : كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى : يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي أعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة ] وأخرج الختلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا مثله وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن حذيفة في قوله : { وما كنت بجانب الطور إذ نادينا } مرفوعا قال نودوا : يا أمة محمد ما دعوتمونا إذ استجبنا لكم ولا سألتمونا إذ أعطيناكم وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعا [ إن الله نادى : يا أمة محمد أجيبوا ربكم قال : فأجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم إلى يوم القيامة فقالوا : لبيك أنت ربنا حقا ونحن عبيدك حقا قال : صدقتم أنا ربكم وأنتم عبيدي حقا قد عفوت عنكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة ] وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله A : [ الهالك في الفترة يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية { ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا } الآية ] وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { قالوا سحران تظاهرا } إلخ قال : هم أهل الكتاب { إنا بكل كافرون } يعني بالكتابين : التوراة والفرقان وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي والباوردي وابن قانع الثلاثة في معاجم الصحابة والطبراني وابن مردويه بسند جيد عن رفاعة القرظي قال : نزلت { ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون } إلى قوله : { أولئك يؤتون أجرهم مرتين } في عشرة رهط أنا أحدهم وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون } قال : يعني من آمن بمحمد A من أهل الكتاب وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله A : [ ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الأول والآخر ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده ] وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث المسيب ومسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن قوله { إنك لا تهدي من أحببت } نزلت في أبي طالب لما امتنع من الإسلام وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أن ناسا من قريش قالوا للنبي A : إن نتبعك يتخطفنا الناس فنزلت { وقالوا إن نتبع الهدى معك } الآية : وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه { يجبى إليه ثمرات كل شيء } قال : ثمرات الأرض