قوله : 58 - { وكم أهلكنا من قرية } أي من أهل قرية كانوا في خفض عيش ودعة ورخاء فوقع منهم البطر فأهلكوا قال الزجاج : البطر الطغيان عند النعمة قال عطاء : عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام قال الزجاج والمازني : معنى { بطرت معيشتها } بطرت في معيشتها فلما حذفت في تعدى الفعل كقوله : { واختار موسى قومه } وقال الفراء : هو منصوب على التفسير كما تقول : أبطرك مالك وبطرته ونظيره عند قوله تعالى : { إلا من سفه نفسه } ونصب المعارف على التمييز غير جائز عند البصريين لأن معنى التفسير أن تكون النكرة دالة على الجنس وقيل إن معيشتها منصوبة ببطرت على تضمينه معنى جهلت { فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا } أي لم يسكنها أحد بعدهم إلا زمنا قليلا كالذي يمر بها مسافرا فإنه يلبث فيها يوما أو بعض يوم أو لم يبق من يسكنها فيها إلا أياما قليلة لشؤم ما وقع فيها من معاصيهم وقيل إن الاستثناء يرجع إلى المساكن : أي لم تسكن بعد هلاك أهلا إلا قليلا من المساكن وأكثرها خراب كذا قال الفراء وهو قول ضعيف { وكنا نحن الوارثين } منهم لأنهم لم يتركوا وارثا يرث منازلهم وأموالهم ومحل جملة لم تسكن الرفع على أنها خبر ثان لاسم الإشارة ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال