59 - { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا } أي وما صح ولا استقام أن يكون الله مهلك القرى الكافرة : أي الكافر أهلها حتى يبعث في أمها رسولا ينذرهم ويتلوا عليهم آيات الله الناطقة بما أوجبه الله عليهم وما أعده من الثواب للمطيع والعقاب للعاصي ومعنى أمها : أكبرها وأعظمها وخص الأعظم منها بالبعثة إليها لأن فيها أشراف القوم وأهل الفهم والرأي وفيها الملوك والأكابر فصارت بهذا الاعتبار كالأم لما حولها من القرى وقال الحسن : أم القرى أولها وقيل المراد بأم القرى هنا مكة كما في قوله : { إن أول بيت وضع للناس } الآية وقد تقدم بيان ما تضمنته هذه الآية في آخر سورة يوسف وجملة يتلوا عليهم آياتنا في محل نصب على الحال : أي تاليا عليهم ومخبرا لهم أن العذاب سينزل بهم إن لم يؤمنوا { وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } هذه الجملة معطوفة على الجملة التي قبلها والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال : أي وما كنا مهلكين لأهل القرى بعد أن نبعث إلى أمها رسولا يدعوهم إلى الحق إلا حال كونهم ظالمين قد استحقوا الإهلاك لإصرارهم على الكفر بعد الإعذار إليهم وتأكيد الحجة عليهم كما في قوله سبحانه : { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون }