وكذلك قوله : 88 - { ولا تدع مع الله إلها آخر } فإنه تعريض لغيره ثم وحد سبحانه نفسه ووصفها بالبقاء والدوام فقال : { لا إله إلا هو كل شيء } من الأشياء كائنا ما كان { هالك إلا وجهه } أي إلا ذاته قال الزجاج : وجهه منصوب على الاستثناء ولو كان في غير القرآن كان مرفوعا بمعنى كل شيء غير وجهه هالك كما قال الشاعر : .
( وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان ) .
والمعنى كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه { له الحكم } أي القضاء النافذ يقضي بما شاء ويحكم بما أراد { وإليه ترجعون } عند البعث ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته لا إله غيره سبحانه وتعالى .
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { سرمدا } قال : دائما وأخرج ابن أبي حاتم عنه { وضل عنهم } يوم القيامة { ما كانوا يفترون } قال : يكذبون في الدنيا وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عنه أيضا { إن قارون كان من قوم موسى } قال : كان ابن عمه وكان يتبع العلم حتى جمع علما فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى وحسده فقال له موسى إن الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال إن موسى يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحتملون أن تعطوه أموالكم ؟ فقالوا لا نحتمل فما ترى ؟ فقال لهم أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل فنرسلها إليه فترميه بأنه أرادها على نفسها فأرسلوا إليها فقالوا لها : نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنه فجر بك قالت : نعم فجاء قارون إلى موسى فقال : اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال نعم فجمعهم فقالوا له : ما أمرك ربك ؟ قال : أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تصلوا الرحم كذا وكذا وأمرني إذا زنا وقد أحصن أن يرجم قالوا : وإن كنت أنت قال نعم قالوا : فإنك قد زنيت قال أنا ؟ فأرسلوا للمرأة فجاءت فقالوا : ما تشهدين على موسى ؟ فقال لها موسى : أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت : أما إذا نشدتني بالله فإنهم دعوني وجعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأن أشهد أنك برئ وأنك رسول الله فخر موسى ساجدا يبكي فأوحى الله إليه ما يبكيك ؟ قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك فرفع رأسه فقال خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم فجعلوا يقولون : يا موسى يا موسى فقال : خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم فجعلوا يقولون : يا موسى يا موسى فقال : خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فجعلوا يقولون يا موسى يا موسى فقال خذيهم فأخذتهم فغشيتهم فأوحى الله يا موسى : سألك عبادي وتضرعوا إليك فلم تجبهم وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم قال ابن عباس : وذلك قوله : { فخسفنا به وبداره الأرض } خسف به إلى الأرض السفلى وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن خيثمة قال : كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح مثل الأصبع كل مفتاح على خزانة على حدة فإذا ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلا أغر محجل وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه قال : وجدت في الإنجيل أن بغال مفاتيح خزائن قارون غر محجلة لا يزيد مفتاح منها على إصبع لكل مفتاح كنز قلت : لم أجد في الإنجيل هذا الذي ذكره خيثمة وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { لتنوء بالعصبة } قال : تثقل وأخرج ابن المنذر عنه قال : لا يرفعها العصبة من الرجال أولو القوة وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : العصبة أربعون رجلا وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : { إن الله لا يحب الفرحين } قال المرحين وفي قوله : { ولا تنس نصيبك من الدنيا } قال : أن تعمل فيها لآخرتك وأخرج ابن مردويه عن أوس بن أوس الثقفي عن النبي A في قوله : { فخرج على قومه في زينته } في أربعة آلاف بغل وقد روي عن جماعة من التابعين أقوال في بيان ما خرج به على قومه من الزينة ولا يصح منها شيء مرفوعا بل هي من أخبار أهل الكتاب كما عرفناك غير مرة ولا أدري كيف إسناد هذا الحديث الذي رفعه ابن مردويه فمن ظفر بكتابه فينظر فيه وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله : { فخسفنا به وبداره الأرض } قال : خسف به إلى الأرض السفلى وأخرج المحاملي والديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة عن رسول الله A في قوله : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا } قال : التجبر في الأرض والأخذ بغير الحق وروي نحوه عن مسلم البطين وابن جريج وعكرمة وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { لا يريدون علوا في الأرض } قال : بغيا في الأرض وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : هو الشرف والعلو عند ذوي سلطانهم وأقول : إن كان ذلك للتقوي به على الحق فهو من خصال الخير لا من خصال الشر وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : إن الرجل ليحب أن يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه فيدخل في هذه الآية { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا } قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكر هذه الرواية عن علي Bه : وهذا محمول على من أحب ذلك لا لمجرد التجمل فهذا لا بأس به فقد ثبت [ أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة أفمن الكبر ذلك ؟ قال : لا إن الله جميل يحب الجمال ] وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب أنه قال : نزلت هذه الآية يعني { تلك الدار الآخرة } إلخ في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال : لما دخل علي النبي A ألقي إليه وسادة فجلس على الأرض فقال : أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا فأسلم وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وأخرج أيضا ابن مردويه عن علي بن الحسين بن واقد أن قوله تعالى : { إن الذي فرض عليك القرآن } الآية أنزلت على رسول الله A بالجحفة حين خرج النبي A مهاجرا إلى المدينة وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي من طرق عن ابن عباس في قوله : { لرادك إلى معاد } قال : إلى مكة زاد ابن مردويه كما أخرجك منها وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن مردويه كما أخرجك منها وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري { لرادك إلى معاد } قال الآخرة وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن المنذر عنه أيضا في قوله : { لرادك إلى معاد } قال : معاده الجنة وفي لفظ معاده آخرته وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن علي بن أبي طالب قال : { لرادك إلى معاد } الجنة وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس نحوه وأخرج ابن مردويه عنه قالك لما نزلت { كل من عليها فان } قالت الملائكة : هلك أهل الأرض فلما نزلت { كل نفس ذائقة الموت } قالت الملائكة : هلك كل نفس فلما نزلت { كل شيء هالك إلا وجهه } قالت الملائكة : هلك أهل السماء والأرض وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس { كل شيء هالك إلا وجهه } قال : إلا ما أريد به وجهه