أجمل سبحانه قصة نوح تصديقا لقوله في أول السورة { ولقد فتنا الذين من قبلهم } وفيه تثبيت للنبي A كأنه قيل له : إن نوحا لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه ولم يؤمن منهم إلا قيلي فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة عدد أمتك قيل ووقع في النظم إلا خمسين عاما ولم يقل تسعمائة سنة وخمسين لأن في الاستثناء تحقيق العدد بخلاف الثاني فقد يطلق على ما يقرب منه وقد اختلف في مقدار عمر نوح وسيأتي آخر البحث وليس في الآية إلا أنه لبث فيهم هذه المدة وهي لا تدل على أنها جميع عمره فقد تلبث في غيرهم قبل اللبث فيهم وقد تلبث في الأرض بعد هلاكهم بالطوفان والفاء في 14 - { فأخذهم الطوفان } للتعقيب : أي أخذهم عقب تمام المدة المذكورة والطوفان يقال لكل شيء كثير مطيف بجمع محيط بهم من مطل أو قتل أو موت قاله النحاس وقال سعيد بن جبير وقتادة والسدي : هو المطر وقال الضحاك : الغرق وقيل الموت ومنه قول الشاعر : .
( أفناهم طوفان موت جارف ) .
وجملة { وهم ظالمون } في محل نصب على الحال : أي مستمرون على الظلم ولم ينجع فيهم ما وعظهم به نوح وذكرهم هذه المدة بطولها