9 - { ثم سواه } أي الإنسان الذي بدأ خلقه من طين وهو آدم أو جميع النوع والمراد أنه عدل خلقه وسوى شكله وناسب بين أعضائه { ونفخ فيه من روحه } الإضافة للتشريف والتكريم وهذه الإضافة تقوي أن الكلام في آدم لا في ذريته وإن أمكن توجيهه بالنسبة إلى الجميع ثم خاطب جميع النوع فقال : { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } أي خلق لكم هذه الأشياء تكميلا لنعمته عليكم وتتميما لتسويته لخلقكم حتى تجتمع لكم النعم فتسمعون كل مسموع وتبصرون كل مبصر وتتعقلون كل متعقل وتفهمون كل ما يفهم وأفرد السمع لكونه مصدرا يشمل القليل والكثير وخص السمع بذكر المصدر دون البصر والفؤاد فذكرهما بالاسم ولهذا جمعا لأن السمع قوة واحدة ولها محل واحد وهو الأذن ولا اختيار لها فيه فإن الصوت يصل إليها ولا تقدر على رده ولا على تخصيص السمع ببعض المسموعات دون بعض بخلاف الأبصار فمحلها العين وله فيه اختيار فإنها تتحرك إلى جانب المرئي دون غيره وتطبق أجفانها إذا لم ترد الرؤية لشيء وكذلك الفؤاد له نوع اختيار في إدراكه فيتعقل هذا دون هذا ويفهم هذا دون هذا قرأ الجمهور وبدأ بالهمز والزهري بألف خالصة بدون همز وانتصاب { قليلا ما تشكرون } على أنه صفى مصدر محذوف : أي شكرا قليلا أو صفة زمان محذوف : أي زمانا قليلا وفي هذا بيان لكفرهم لنعم الله وتركهم لشكرها إلا فيما ندر من الأحوال