قوله : 26 - { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } أي عاضدوهم وعازنوهم على رسول الله A وهم بنو قريظة فإنهم عاونوا الأحزاب ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله A وصاروا يدا واحدة مع الأحزاب والصياصي جمع صيصية : وهي الحصون وكل شيء ستحصن به يقال له صيصية ومنه صيصية الديك وهي الشوكة التي في رجله وصياصي البقر قرونها لأنها تمتنع بها ويقال لشوكة الحائك التي يسوي بها السداة واللحمة صيصية ومنه قول دريد بن الصمة : .
( فجئت إليه والرماح تنوشه ... كوقع الصياصي في النسيج المدد ) .
ومن إطلاقها على الحصون قول الشاعر : .
( فأصبحت الثيران صرعى وأصبحت ... نساء تميم يبتدرن الصياصيا ) .
{ وقذف في قلوبهم الرعب } أي الخوف الشديد حتى سلموا أنفسهم للقتل وأولادهم ونساءهم للسبي وهي معنى قوله : { فريقا تقتلون وتأسرون فريقا } فالفريق الأول هم الرجال والفريق الثاني هم النساء والذرية وهذه الجملة مبينة ومقررة لقذف الرعب في قلوبهم قرأ الجمهور { تقتلون } بالفوقية على الخطاب وكذلك قرأوا { تأسرون } وقرأ ابن ذكوان في رواية عنه بالتحتية فيهما وقرأ اليماني بالفوقية في الأول والتحتية في الثاني وقرأ أبو حيوة تأسرون بضم السين وقد حكى الفراء حكسر السين وضمها فهما لغتان ووجه تقديم مفعول الفعل الأول وتأخير مفعول الفعل الثاني أن الرجال لما كانوا أهل الشوكة وكان الوارد عليهم أشد الأمرين وهو القتل كان الاهتمام بتقديم ذكرهم أنسب بالمقام .
وقد اختلف في عدد المقتولين والمأسورين فقيل كان المقتولون من ستمائة إلى سبعمائة وقيل ستمائة وقيل سبعمائة وقيل ثمانمائة وقيل تسعمائة وكان المأسرون سبعمائة وقيل سبعمائة وخمسين وقيل تسعمائة