فأنزل الله 40 - { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } أي ليس بأب لزيد بن حارثة على الحقيقة حتى تحرم عليه زوجته ولا هو أب لأحد لم يلده قال الواحدي : قال المفسرون : لم يكن أبا أحد لم يلده وقد ولد له من الذكور إبراهيم والقاسم والطيب والمطهر قال القرطبي : ولكن لم يعش له ابن حتى يصير رجلا : قال : وأما الحسن والحسين فكانا طفلين ولم يكونا رجلين معاصرين له { ولكن رسول الله } قال الأخفش والفراء : ولكن كان رسول الله وأجازا الرفع وكذا قرأ ابن أبي عبلة بالرفع في رسول وفي خاتم على معنى : ولكن هو رسول الله وخاتم النبيين وقرأ الجمهور بتخفيف لكن ونصب رسول و خاتم ووجه النصب على خبرية كان المقدرة كما تقدم ويجوز أن يكون بالعطف على أبا أحد وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بتشديد لكن ونصب رسول على أنه اسمها وخبرها محذوف : أي ولكن رسول الله هو وقرأ الجمهور { خاتم } بكسر التاء وقرأ عاصم بفتحها ومعنى القراءة الأولى : أنه ختمهم : أي جاء آخرهم ومعنى القراءة الثانية : أنه صار كالخاتم لهم الذي يتختمون به ويتزينون بكونه منهم وقيل كسر التاء وفتحها لغتان قال أبو عبيد : الوجه الكسر لأن التأويل أنه ختمهم فهو خاتمهم وأنه قال : .
[ أنا خاتم النبيين ] وخاتم الشيء آخره ومنه قولهم : خاتمه المسك وقال الحسن : الخاتم هو الذي ختم به { وكان الله بكل شيء عليما } قد أحاط علمه بكل شيء ومن جملة معلوماته هذه الأحكام المذكورة هنا .
وقد أخرج أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم عن أنس قال : [ جاء زيد بن حارثة يشكو زينب إلى رسول الله A فجعل رسول الله A يقول : اتق الله وأمسك عليك زوجك فنزلت { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } ] قال أنس : فلو كان رسول الله A كاتما شيئا لكتم هذه الآية فتزوجها رسول الله A فما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ذبح شاة { فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } فكانت تفخر على أزواج النبي A تقول : زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أنس قال : [ لما انقضت عدة زينب قال رسول الله A لزيد : اذهب فاذكرها علي فانطلق قال : فلما أيتها عظمت في صدري فقلت : يا زينب أبشري أرسلني رسول الله يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله A ودخل عليها بغير إذن ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله A أطعمنا عليها الخبز واللحم فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام فخرج رسول الله A .
واتبعته فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقولون : يا رسول الله كيف وجدت أهلك ؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به { لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم } الآية ] وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة قالت لو كان رسول الله A كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه } يعني بالإسلام { وأنعمت عليه } يعني بالعتق { أمسك عليك زوجك } إلى قوله : { وكان أمر الله مفعولا } وإن رسول الله A لما تزوجها قالوا تزوج حليلة ابنه فأنزل الله { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } وكان رسول الله A تبناه وهو صغير فلبث حتى صار رجلا يقال له زيد بن محمد فأنزل الله { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله } يعني أعدل عند الله وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي في قوله : { سنة الله في الذين خلوا من قبل } قال : يعني يتزوج من النساء ما شاء هذا فريضة وكان من قبل من الأنبياء هذا سنتهم قد كان لسليمان بن داود ألف امرأة وكان لداود مائة امرأة وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج في قوله : { سنة الله في الذين خلوا من قبل } قال داود : والمرأة اليت نكح وزوجها اسمها اليسية فذلك سنة في محمد وزينب { وكان أمر الله قدرا مقدورا } كذلك في سنته في داود والمرأة والنبي وزينب وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } قال : نزلت في زيد بن حارثة وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله A : [ مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا فانتهى إلا لبنة واحدة فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة ] وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر قال : قال رسول الله A : [ مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فكان من دخلها فنظر إليها قال ما أحسنها إلا موضع اللبنة فأنا موضع اللبنة حتى ختم بي الأنبياء ] وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة نحوه وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي بن كعب نحوه أيضا