6 - { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا } هذه الجملة مستأنفة لتقرير ما سبق من ذكر التفاوت بين الفريقين و من في موضع رفع بالابتداء وخبره محذوف قال الكسائي : والتقدير ذهبت نفسك عليهم حسرات قال : ويدل عليه قوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } قال : وهذا كلام عربي ظريف لا يعرفه إلا القليل وقال الزجاج : تقديره كمن هداه وقدره غيرهما كمن لم يزين له وهذا أولى لموافقته لفظا ومعنى وقد وهم صاحب الكشاف فحكى عن الزجاج ما قاله الكسائي قال النحاس : والذي قاله الكسائي أحسن ما قيل في الآية لما ذكره من الدلالة على المحذوف والمعنى : أن الله D نهى نبيه A عن شدة الاغتنام بهم والحزن عليهم كما قال : { فلعلك باخع نفسك } وجملة { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } مقررة لما قبلها : أي يضل من يشاء أن يضله ويهدي من يشاء أن يهديه { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } قرأ الجمهور بفتح الفوقية والهاء مسندا إلى النفس فتكون من باب : لا أرينك ها هنا وقرأ أبو جعفر وشيبة وابن محيصن والأشهب بضم التاء وكسر الهاء ونصب { نفسك } وانتصاب { حسرات } على أنه علة : أي للحسرات ويجوز أن ينتصب على الحال كأنها صارت كلها حسرات لفرط التحسر كما روي عن سيبويه وقال المبرد : إنا تمييز والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر { إن الله عليم بما يصنعون } لا يخفى عليه من أفعالهم وأقوالهم خافية والجملة تعليل لما قبلها مع ما تضمنته من الوعيد الشديد .
وقد أخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها يقول : ابتدأتها وأخرج ابن أبي حاتم عنه أنه قال : { فاطر السموات } بديع السموات وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله : { يزيد في الخلق ما يشاء } قال : الصوت الحسن وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } الآية قال : ما يفتح الله للناس من باب توبة { فلا ممسك لها } هم يتوبون إن شاءوا أو إن أبوا وما أمسك من باب توبة { فلا مرسل له من بعده } وهم لا يتوبون وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في الآية قال : يقول ليس لك من الأمر شيء وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { لهم مغفرة وأجر كبير } قال : كل شيء في القرآن لهم مغفرة وأجر كبير ورزق كريم فهو الجنة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله : { أفمن زين له سوء عمله } قال : الشيطان زين لهم هي والله الضلالات { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } أي لا تحزن عليهم