47 - { وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله } أي تصدقوا على الفقراء مما أعطاكم الله وأنعم به عليكم من الأموال قال الحسن : يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء وقال مقاتل : إن المؤمنين قالوا لكفار قريش : أنفقوا على المساكين مما زعمتم أنه لله من أموالكم من الحرث والأنعام كما في قوله سبحانه : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا } فكان جوابهم ما حكاه الله عنهم بقوله : { قال الذين كفروا للذين آمنوا } استهزاء بهم وتكهما بقولهم { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } أي من لو يشاء الله رزقه وقد كانوا سمعوا المسلمين يقولون : إن الرزاق هو الله وأنه يغني من يشاء ويفقر من يشاء فكأنهم حاولوا بهذا القول الإلزام للمسلمين وقالوا : نحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله وهذا غلط منهم ومكابرة ومجادلة بالباطل فإن الله سبحانه أغنى بعض خلقه وأفقر بعضا وأمر الغني أن يطعم الفقير وابتلاه به فيما فرض له من ماله من الصدقة وقولهم : { من لو يشاء الله أطعمه } هو وإن كان كلاما صحيحا في نفسه ولكنهم لما قصدوا به الإنكار لقدرة الله أو إنكار جواز الأمر بالإنفاق مع قدرة الله كان احتجاجهم من هذه الحيثية باطلا وقوله : { إن أنتم إلا في ضلال مبين } من تمام كلام الكفار والمعنى : أنكم أيها المسلمون في سؤال المال وأمرنا بإطعام الفقراء لفي ضلال في غاية الوضوح والظهور وقيل هو من كلام الله سبحانه جوابا على هذه المقالة التي قالها الكفار وقال القشيري والماوردي : إن الآية نزلت في قوم من الزنادقة وقد كان في كفار قريش وغيرهم من سائر العرب قوم يتزندقون فلا يؤمنون بالصانع فقالوا هذه المقالة استهزاء بالمسلمين ومناقضة لهم وحكى نحو هذا القرطبي عن ابن عباس