ثم أضرب سبحانه عن الكلام السابق فقال : 12 - { بل عجبت } يا محمد من قدرة الله سبحانه : { ويسخرون } منك بسبب تعجبك أو ويسخرون منك بما تقوله من إثبات المعاد قرأ الجمهور بفتح التاء من { عجبت } على الخطاب للنبي A وقرأ حمزة والكسائي بضمها ورويت هذه القراءة عن علي وابن مسعود وابن عباس واختارها أبو عبيد والفراء قال الفراء : قرأها الناس بنصب التاء ورفعها والرفع أحب إلي لأنها عن علي وعبد الله وابن عباس قال : والعجب أن أسند إلي الله فليس معناه من الله كمعناه من العباد قال الهروي : وقال بعض الأئمة : معنى قوله : { بل عجبت } بل جازيتهم على عجبهم لأن الله أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الخلق كما قال : { وعجبوا أن جاءهم منذر منهم } وقالوا : { إن هذا لشيء عجاب } { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم } وقال علي بن سليمان : معنى القراءتين واحد والتقدير : قل يا محمد بل عجبت لأن النبي A مخاطب بالقرآن قال النحاس : وهذا قول حسن وإضمار القول كثير وقيل إن معنى الإخبار من الله سبحانه عن نفسه بالعجب أنه ظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين قال الهروي : ويقال معنى عجب ربكم : أي رضي ربكم وأثاب فسماه عجبا وليس بعجب في الحقيقة فيكون معنى عجبت هنا عظم فعلهم عندي وحكى النقاش أن معنى بل عجبت : بل أنكرت قال الحسن بن الفضل : التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه وهو لغة العرب وقيل معناه : أنه بلغ في كمال قدرته وكثرة مخلوقاته إلى حيث عجبت منها وهؤلاء لجهلهم يسخرون منها والواو في ويسخرون للحال : أي بل عجبت والحال أنهم يسخرون ويجوز أن تكون للاستئناف