182 - { والحمد لله رب العالمين } إرشاد لعباده إلى حمده على إرسال رسله إليهم مبشرين ومنذرين وتعليم لهم كيف يصنعون عند إنعامه عليهم وما يثنون عليه به وقيل إنه الحمد على هلاك المشركين ونصر الرسل عليهم والأولى أنه حمد لله سبحانه على كل ما أنعم به على خلقه أجمعين كما يفيده حذف المحمود عليه فإن حذفه مشعر بالتعميم كما تقرر في علم المعاني والحمد هو الثناء الجميل بقصد التعظيم .
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا } بقال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله { فإنكم وما تعبدون } قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون : يعني الآلهة { ما أنتم عليه بفاتنين } قال : بمضلين { إلا من هو صال الجحيم } يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم ولا أيضا في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا في قوله : { وما منا إلا له مقام معلوم } قال الملائكة : { وإنا لنحن الصافون } قال الملائكة : { وإنا لنحن المسبحون } قال : الملائكة وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عائشة قال : قال رسول الله A [ ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم وذلك قول الملائكة { وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون } ] وأخرج محمد بن نصر وابن عساكر عن العلاء بن سعد أن رسول الله A قال يوما لأصحابه [ أطت السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ثم قرأ { وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون } ] وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : [ إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا ثم قرأ { وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون } ] وأخرج الترمذي وحسنه ابن جرير وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله A : [ إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله ] وقد ثبت في الصحيح وغيره [ أن النبي A أمر الصحابة أن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربهم فقالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف ] وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { لو أن عندنا ذكرا من الأولين } قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب { فسوف يعلمون } وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال [ صبح رسول الله .
A خيبر وقد خرجوا بالمساحي فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس فقال : الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ] الحديث وأخرج ابن سعد وابن مردويه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله A قال : [ إذا سلمتم على المرسلين فسلموا علي فإنما أنا بشر من المرسلين ] وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس مرفوعا نحوه بأطول منه وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن مردويه عن أبي سعيد عن رسول الله A أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين } وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله A من الصلاة بقوله : { سبحان ربك } إلى أخر الآية وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله A قال [ من قال دبر كل صلاة : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين } ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر ] وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب نحوه .
وإلى هنا انتهى الجزء الثالث من هذا التفسير المبارك بمعونة الله المقبول بفضل الله بقلم مصنفه الحقير محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما في نهار الخميس الحادي والعشرين من شهر محرم الحرام من شهور سنة تسعو عشرين ومائتين وألف من الهجرة النبوية حامدا لله شاكرا له مصليا مسلما على رسوله وآله ويتلوه إن شاء الله تفسير سورة ص .
انتهى سماع هذا الجزء على مؤله حفظه الله في يوم الاثنين غرة شهر جمادي الآخرة سنة 1239هـ .
كتبه .
يحيى بن علي الشوكاني .
غفر الله لهما