قوله 112 - { ضربت عليهم الذلة } قد تقدم في البقرة معنى هذا التركيب والمعنى : صارت الذلة محيطة بهم في كل حال وعلى كل تقدير في أي مكان وجدوا { إلا بحبل من الله } أي : إلا أن يعتصموا بحبل من الله قاله الفراء : أي بذمة الله أو بكتابه { وحبل من الناس } أي : بذمة من الناس وهم المسلمون وقيل : المراد بالناس النبي A { وباءوا } أي رجعوا { بغضب من الله } وقيل : احتملوا وأصل معناه في اللغة اللزوم والاستحقاق : أي لزمهم غضب من الله هم مستحقون له ومعنى ضرب المسكنة : إحاطتها بهم من جميع الجوانب وهكذا حال اليهود فإنهم تحت الفقر المدقع والمسكنة الشديدة إلا النادر الشاذ منهم والإشارة بقوله ذلك إلى ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة والغضب أي : وقع عليهم ذلك بسبب أنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق والإشارة بقوله ذلك إلى الكفر وقتل الأنبياء بسبب عصيانهم لله واعتدائهم لحدوده ومعنى الآية : أن الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة والبواء بالغضب منه لكونهم كفروا بآياته وقتلوا أنبياءه بسبب عصيانهم واعتدائهم .
وقد أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله { كنتم خير أمة } قال : هم الذين هاجروا مع رسول الله A وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : قال عمر بن الخطاب : لو شاء الله لقال : أنتم فكنا كلنا ولكن قال : كنتم في خاصة أصحاب محمد ومن صنعهم مثل صنعهم كانوا خير أمة أخرجت للناس وفي لفظ عنه أنه قال : يكون لأولنا ولا يكون لأخرنا وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال : يا أيها الناس من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله منها وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في ابن مسعود وعمار بن ياسر وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة في الآية قال : خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من معاوية بن حيدة أنه سمع النبي A يقول في الآية : إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها وروي من حديث معاذ وأبي سعيد نحوه وقد وردت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما أنه يدخل من هذه الأمة الجنة سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب وهذا من فوائد كونها خير الأمم وأخرج ابن جرير عن الحسن { لن يضروكم إلا أذى } قال : تسمعون منهم كذبا على الله يدعونكم إلى الضلالة وأخرج أيضا عن ابن جريج قال : إشراكهم في عزير وعيسى والصليب وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة { ضربت عليهم الذلة } قالا : يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون وروى ابن المنذر عن الضحاك نحوه ؟ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { إلا بحبل من الله وحبل من الناس } قال : بعهد من الل وعهد من الناس