قوله 168 - { الذين قالوا لإخوانهم } إلخ : أي هم الذين قالوا لإخوانهم على أنه خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون بدلا من واو يكتمون أو منصوبا على الذم أو وصف للذين نافقوا وقد تقدم معنى { قالوا لإخوانهم } أي : قالوا لهم ذلك والحال أن هؤلاء القائلين قد قعدوا عن القتال { لو أطاعونا } بترك الخروج من المدينة ما قتلوا فرد الله ذلك عليهم بقوله { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } والدرء : الدفع أي لا ينفع الحذر من القدر فإن المقتول يقتل بأجله .
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية يقول : إنكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم يوم أحد وقد بين هذا عكرمة فأخرج ابن جرير عنه قال : قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا من أين هذا ؟ ما كان للكفار أن يقتلوا منا فلما رأى الله ما قالوا من ذلك قال الله : هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن علي قال : جاء جبريل إلى النبي A فقال : يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين : إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن تقبل منهم عدتهم فدعا رسول الله A الناس فذكر ذلك لهم فقالوا : يا رسول الله عشائرنا وإخواننا لا بل نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم فليس في ذلك ما نكره فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر وهذا الحديث في سنن الترمذي والنسائي هو من طريق أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان بي سعيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي : قال الترمذي بعد إخراجه : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة وروى أبو أسامة عن هشام نحوه وروي عن ابن سيرين عن عبيدة عن النبي A مرسلا وإسناد ابن جرير لهذا الحديث هكذا : حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون قال سنيد وهو حسين وحدثني حجاج عن جرير عن محمد عن زبيدة عن علي فذكره وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر بن أب شيبة حدثنا قراد بن نوح حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب محمد A عنه وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله D : { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية وأخرجه الإمام أحمد من طريق عبد الرحمن بن عزوان وهو قراد بن نوح به ولكن بأطول منه ولكنه يشكل على حديث التخيير السابق ما نزل من المعاتبة منه سبحانه وتعالى لمن أخذ الفداء بقوله : [ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ] وما روي من بكائه A هو وأبو بكر ندما على أخذ الفداء ولو كان أخذ ذلك بعد التخيير لهم من الله سبحانه لم يعاتبهم عليه ولا حصل ما حصل من النبي A ومن معه من الندم والحزن ولا صوب النبي A رأي عمر Bه حيث أشار بقتل الأسرى وقال ما معناه : لو نزلت عقوبة لم ينج منها إلا عمر والجميع في كتب الحديث والسير وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس { قلتم أنى هذا } ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله وهؤلاء مشركون فقال { قل هو من عند أنفسكم } عقوبة لكم بمعصيتكم النبي A حين قال لا تتبعوهم وأخرج ابن المنذر عنه في قوله { أو ادفعوا } قال : كثروا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا وأخرج أيضا عن الضحاك نحوه وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله { أو ادفعوا } قال : رابطوا وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب وغيره قال : خرج رسول الله A إلى أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال : أطاعهم وعصاني والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا ههنا ؟ فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول : يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولا نرى أن يكون قتال وأخرجه ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحسين بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا فذكره وزاد أنهم لما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف قال : أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { لو نعلم قتالا لاتبعناكم } قال : لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم