قوله 179 - { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه } كلام مستأنف والخطاب عند جمهور المفسرين للكفار والمنافقين : أي ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من الكفر والنفاق { حتى يميز الخبيث من الطيب } وقيل : الخطاب للمؤمنين والمنافقين : أي ما كان الله ليترككم على الحال التي أنتم عليه من الاختلاط حتى يميز بعضكم من بعض وقيل الخطاب للمشركين والمراد بالمؤمنين من في الأصلاب والأرحام : أي ما كان الله ليذر أولادكم على ما أنتم عليه حتى يفرق بينكم وبينهم وقيل الخطاب للمؤمنين : أي ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط بالمنافقين حتى يميز بينكم وعلى هذا الوجه والوجه الثاني يكون في الكلام التفات وقرئ { يميز } بالتشديد للمخفف من ماز الشيء يميزه ميزا إذا فرق بين شيئين فإن كانت أشياء قيل : ميزه تميزا { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } حتى تميزوا بين الطيب والخبيث فإنه المستأثر بعلم الغيب لا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول من رسله يجتبيه فيطلعه على شيء من غيبه فيميز بينكم كما وقع من نبينا A من تعيين كثير من المنافقين فإن ذلك كان بتعليم الله له لا بكونه يعلم الغيب وقيل المعنى : وما كان الله ليطلعكم على الغيب في من يستحق النبوة حتى يكون الوحي باختياركم { ولكن الله يجتبي } أي يختار { من رسله من يشاء } قوله { فآمنوا بالله ورسله } أي : افعلوا الإيمان المطلوب منكم ودعوا الاشتغال بما ليس من شأنكم من التطلع لعلم الله سبحانه { وإن تؤمنوا } بما ذكر { وتتقوا فلكم } عوضا عن ذلك { أجر عظيم } لا يعرف قدره ولا يبلغ كنهه