قوله : 47 - { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } قد تقدم تفسيره وإنما كرر ذلك سبحانه توكيدا للحجة عليهم وتحذيرا لهم من ترك اتباع محمد A ثم قرنه بالوعيد وهو قوله : { واتقوا يوما } وقوله : { وأني فضلتكم } معطوف على مفعول اذكروا : أي اذكروا نعمتي وتفضيلي لكم على العالمين قيل : المراد بالعالمين عالم زمانهم - وقيل : على جميع العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء وقال في الكشاف : على الجم الغفير من الناس كقوله : { باركنا فيها للعالمين } يقال : رأيت عالماص من الناس : يراد الكثرة انتهى قال الرازي في تفسيره : وهذا ضعيف لأن لفظ العالم مشتق من العلم وهو الدليل وكل ما كان دليلا على الله كان علما وكان من العالم وهذا تحقيق قول المتكلمين : العالم كل موجود سوى الله وعلى هذا لا يمكن تخصيص لفظ العالم ببعض المحدثات انتهى وأقول هذا الاعتراض ساقط أما أولا فدعوى اشتقاقه من العلم لا برهان عليه وأما ثانيا فلو سلمنا صحة هذا الاشتقاق كان المعنى موجودا بما يتحصل معه مفهوم الدليل على الله الذي يصح إطلاقا اسم العلم عليه وهو كائن في كل فرد من أفراد المخلوقات التي يستدل بها على الخالق وغايته أن جمع العالم يستلزم أن يكونوا مفضلين على أفراد كثيرة من المحدثات وأما أنهم مفضلون على كل من جعل العالم أهل العصر فغايته أن يكونوا مفضلين على أهل عصور ولا على أهل كل عصر فلا يستلزم ذلك تفضيلهم على أهل العصر الذين فيهم نبينا A ولا على ما بعده من العصور ومثل هذا الكلام ينبغي استحضاره عند تفسير قوله تعالى : { إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين } وعند قوله تعالى : { ولقد اخترناهم على علم على العالمين } وعند قوله تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } فإن قيل : إن التعريف في العالمين يدل على شموله لكل عالم قلت : لو كان الأمر هكذا لم يكن ذلك مستلزما لكونهم أفضل من أمة محمد A لقوله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } فإن هذه الآية ونحوها تكون مخصصة لتلك الآيات