قوله 79 - { وإن تصبهم حسنة } هذا وما بعده مختص بالمنافقين : أي إن تصبهم نعمة نسبوها إلى الله تعالى وإن تصبهم بلية ونقمة نسبوها إلى رسول الله A فرد الله ذلك عليهم بقوله { قل كل من عند الله } ليس كما تزعمون ثم نسبهم إلى الجهل وعدم الفهم فقال { فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا } أي : ما بالهم هكذا قوله { ما أصابك من حسنة فمن الله } هذا الخطاب إما لكل من يصلح له من الناس أو لرسول الله A تعريضا لأمته : أي : ما أصابك من خصب ورخاء وصحة وسلامة فمن الله بفضله ورحمته وما أصابك من جهد وبلاء وشدة فمن نفسك بذنب أتيته فعوقبت عليه وقيل : إن هذا من كلام الذين لا يفقهون حديثا : أي فيقولون : ما أصابك من حسنة فمن الله وقيل : إن ألف الاستفهام مضمرة : أي أفمن نفسك ومثله قوله تعالى { وتلك نعمة تمنها علي } والمعنى : أو تلك نعمة ومثله قوله { فلما رأى القمر بازغا قال : هذا ربي } أي : أهذا ربي ومنه قول أبي خراش الهذلي : .
( رموني وقالوا يا خويلد لم ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم ) .
أي : أهم أهم وهذا خلاف الظاهر وقد ورد في الكتاب العزيز ما يفيد مفاد هذه الآية كقوله تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } وقوله { أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } وقد يظن أن قوله { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } مناف لقوله { قل كل من عند الله } ولقوله { وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله } وقوله { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } وقوله { وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } وليس الأمر كذلك فالجمع ممكن كما هو مقرر في مواطنه قوله { وأرسلناك للناس رسولا } فيه البيان لعموم رسالته A إلى الجميع كما يفيده التأكيد بالمصدر والعموم في الناس ومثله قوله { وما أرسلناك إلا كافة للناس } وقوله { يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } { وكفى بالله شهيدا } على ذلك