نفي الحب كناية عن البغض وقراءة الجمهور 148 - { إلا من ظلم } على البناء للمجهول وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق والضحاك وابن عباس وابن جبير وعطاء بن السائب { إلا من ظلم } على البناء للمعلوم وهو على القراءة الأولى استثناء متصل بتقدير مضاف محذوف : أي إلا جهر من ظلم وقيل : إنه على القراءة الأولى أيضا منقطع : أي لكن من ظلم فله أن يقول ظلمني فلان .
واختلف أهل العلم في كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم فقيل : هو أن يدعو على من ظلمه وقيل : لا بأس أن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه بأن يقول : فلان ظلمني أو هو ظالم أو نحو ذلك وقيل معناه : إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح له والآية على هذا في الإكراه وكذا قال قطرب قال : ويجوز أن يكون على البدل كأنه قال لا يحب الله إلا من ظلم : أي لا يحب الظالم بل يحب المظلوم والظاهر من الآية أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه ويؤيده الحديث الثابت في الصحيح بلفظ [ لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ] وأما على القراءة الثانية فالاستثناء منقطع : أي : إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له وقال قوم : معنى الكلام : لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول لكن من ظلم فإنه يحهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه وينالون من عرضه وقال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول { وكان الله سميعا عليما } هذا تحذير للظالم بأن الله يسمع ما يصدر منه ويعلم به ثم بعد أن أباح للمظلوم أن يجهر بالسوء ندب إلى ما هو الأولى والأفضل