قوله : 103 - { ما جعل الله من بحيرة } هذا كلام مبتدأ يتضمن الرد على أهل الجاهلية فيما ابتدعوه وجعل ههنا بمعنى سمى كما قال { إنا جعلناه قرآنا عربيا } والبحيرة : فعيلة بمعنى مفعولة كالنطيحة والذبيحة وهي مأخوذة من البحر وهو شق الأذن قال ابن سيده : البحيرة هي التي خليت بلا راع قيل هي التي يجعل درها للطواغيت فلا يحتلبها أحد من الناس وجعل شق أذنها علامة لذلك وقال الشافعي : كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن إناثا بحرت أذنها فحرمت وقيل إن الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا بحروا أذنه فأكله الرجال والنساء وإن كان الخامس أنثى بحروا أذنها وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها وقيل إذا نتجت الناقة خمسة أبطن من غير تقييد بالإناث شقوا أذنها وحرموا ركوبها ودرها والسائبة : الناقة تسيب أو البعير يسيب نذر على الرجل إن سلمه الله من مرض أو بلغه منزله فلا يحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبه أحد قاله أبو عبيد قال الشاعر : .
( وسائبة لله تنمي تشكرا ... إن الله عافى عامرا ومجاشعا ) .
وقيل هي التي تسيب لله فلا قيد عليها ولا راعي لها ومنه قول الشاعر : .
( عقرتم ناقة كانت لربي ... مسيبة فقوموا للعقاب ) .
وقيل هي التي تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر فعند ذلك لا يركب ظهرها ولا يجز وبرها ولا يشرب لبنها إلا ضيف وقيل كانوا يسيبون العبد فيذهب حيث يشاء لا يد عليه لأحد والوصيلة : قيل هي الناقة إذا ولدت أنثى بعد أنثى وقيل هي الشاة كانت إذا ولدت أنثى فهي لهم وإن ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم وقيل كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن نظروا فإن كان السابع ذكرا ذبح فأكل منه الرجال والنساء وإن كانت أنثى تركت في الغنم وإن كان ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبح لمكانها وكان لحمها حراما على النساء إلا أن يموت فيأكلها الرجال والنساء والحام : الفحل الحامي ظهره عن أن يركب وكانوا إذا ركب ولد الفحل قالوا حمى ظهره فلا يركب قال الشاعر : .
( حماها أبو قابوس في عز ملكه ... كما قد حمى أولاده الفحل )