وقيل هو الفحل إذا نتج من صلبه عشرة قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلأ ولا ماء ثم وصفهم الله سبحانه بأنهم ما قالوا ذلك إلا افتراء على الله وكذبا لا لشرع شرعه الله لهم ولا لعقل دلهم عليه وسبحان الله العظيم ما أرك عقول هؤلاء وأضعفها يفعلون هذه الأفاعيل التي هي محض الرقاعة ونفس الحمق 104 - { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } وهذه أفعال آبائهم وسننهم التي سنوها لهم وصدق الله سبحانه حيث يقول : { أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون } أي ولو كانوا جهلة ضالين والواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام وقيل للعطف على جملة مقدرة : أي أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم وقد تقدم الكلام على مثل هذه الآية في البقرة وقد صارت هذه المقالة التي قالتها الجاهلية نصب أعين المقلدة وعصاهم التي يتوكأون عليها إن دعاهم داعي الحق وصرخ لهم صارخ الكتاب والسنة فاحتجاجهم بمن قلدوه ممن هو مثلهم في التعبد بشرع الله مع مخالفة قوله لكتاب الله أو لسنة رسوله هو كقول هؤلاء وليس الفرق إلا في مجرد العبارة اللفظية لا في المعنى الذي عليه تدور الإفادة والاستفادة اللهم غفرا .
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية : قال الخبيث هم المشركون والطيب هم المؤمنون وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : [ خطب النبي A خطبة ما سمعت مثلها قط فقال رجل : من أبي ؟ فقال فلان فنزلت هذه الآية : { لا تسألوا عن أشياء } ] وأخرج البخاري وغيره نحوه من حديث ابن عباس وقد بين هذا السائل في روايات أخر أنه عبد الله بن حذافة وأنه قال : من أبي ؟ قال النبي A : أبوك حذافة وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة [ أن رسول الله A خطب فقال : ياأيها الناس إن الله قد افترض عليكم الحج فقام رجل فقال : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت عنه فأعادها ثلاث مرات فقال : لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ] وذلك أن هذه الآية : أعني { لا تسألوا عن أشياء } نزلت في ذلك وقد أخرج عنه نحو هذا ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه أيضا وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وابن مردويه عن علي نحوه وكل هؤلاء صرحوا في أحاديثهم أن الآية نزلت في ذلك وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سعد بن أبي وقاص قال : كانوا يسألون عن الشيء وهو لهم حلال فما زالوا يسألون حتى يحرم عليهم وإذا حرم عليهم وقعوا فيه وأخرج ابن المنذر عنه قال : قال رسول الله A : [ أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته ] وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله A : [ إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وترك أشياء في غير نسيان ولكن رحمة لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها ] وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { لا تسألوا عن أشياء } قال : البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سعيد بن المسيب قال : البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ولا يجلبها أحد من الناس والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل ثم تثني بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر والحامي فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شيء وسموه الحامي وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس فإن كان ذكرا ذبحوه فأكله الرجال دون النساء وإن كانت أنثى جدعوا آذانها فقالوا هذه بحيرة وأما السائبة فكانوا يسيبون من أنعامهم لآلهتهم لا يركبون لها ظهرا ولا يحلبون لها لبنا ولا يجزون لها وبرا ولا يحملون عليها شيئا وأما الوصيلة فالشاة إذا نتجت سبعة أبطن نظروا إلى السابع فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء وإن كانت أنثى استحيوها وإن كان ذكرا أو أنثى في بطن استحيوهما وقالوا وصلته أخته فحرمته علينا وأما الحام فالفحل من الإبل إذا ولد لولده قالوا : حمى هذا ظهره فلا يحملون عليه شيئا ولا يجزون له وبرا ولا يمنعونه من حمى ولا من حوض يشرب منه وإن كان الحوض لغير صاحبه وأخرج نحوه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق العوفي