قوله : 9 - { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } أي لو جعلنا الرسول إلى النبي ملكا يشاهدونه ويخاطبونه لجعلنا ذلك الملك رجلا لأنهم لا يستطيعون أن يروا الملك على صورته التي خلقه الله عليها إلا بعد أن يتجسم بالأجسام الكثيفة المشابهة لأجسام بني آدم لأن كل جنس يأنس بجنسه فلو جعل الله سبحانه الرسول إلى البشر أو الرسول إلى رسوله ملكا مشاهدا مخاطبا لنفروا منه ولم يأنسوا به ولداخلهم الرعب وحصل معهم من الخوف ما يمنعهم من كلامه ومشاهدته هذا أقل حال فلا تتم المصلحة من الإرسال وعند أن يجعله الله رجلا : أي على صورة رجل من بني آدم ليسكنوا إليه ويأنسوا به سيقول الكافرون إنه ليس بملك وإنما هو بشر ويعودون إلى مثل ما كانوا عليه قوله : { وللبسنا عليهم ما يلبسون } أي لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم لأنهم إذا رأوه في صورة إنسان قالوا هذا إنسان وليس بملك فإن استدل لهم بأنه ملك كذبوه قال الزجاج : المعنى للبسنا عليهم : أي على رؤسائهم كما يلبسون على ضعفتهم وكانوا يقولون لهم : إنما محمد بشر وليس بينه وبينكم فرق فيلبسون عليهم بهذا ويشككونهم فأعلم الله D أنه لو نزل ملكا في صورة رجل لوجدوا سبيلا إلى اللبس كما يفعلون واللبس : الخلط يقال : لبست عليه الأمر ألبسه لبسا : أي خلطته وأصله التستر بالثوب ونحوه