قوله : 58 - { ما عندي ما تستعجلون به } أخبرهم بأنه لم يكن عنده ما يتعجلونه من العذاب فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء نحوه قوله : { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا } وقولهم : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } وقولهم : { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } وقيل : { ما عندي ما تستعجلون به } من الآيات التي تقترحونها علي قوله : { إن الحكم إلا لله } : أي ما الحكم في كل شيء إلا لله سبحانه ومن جملة ذلك ما تستعجلون به من العذاب أو الآيات المقترحة والمراد : الحكم الفاصل بين الحق والباطل قوله : { يقص الحق } قرأ نافع وابن كثير وعاصم { يقص } بالقاف والصاد المهملة وقرأ الباقون { يقض } بالضاد المعجمة والياء وكذا قرأ علي وأبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن المسيب وهو مكتوب في المصحف بغير ياء فعلى القراءة الأولى هو من القصص : أي يقص القصص الحق أو نم قص أثره : أي يتبع الحق فيما يحكم به وعلى القراءة الثانية هو من القضاء : أي يقضي القضاء بين عباده والحق منتصب على المفعولية أو على أنه صفة لمصدر محذوف : أي يقضي القضاء الحق أو يقص القصص الحق { وهو خير الفاصلين } أي بين الحق والباطل بما يقضي به بين عباده ويفصله لهم في كتابه ثم أمره الله سبحانه أن يقول لهم : { لو أن عندي ما تستعجلون به } أي ما تطلبون تعجيله بأن يكون إنزاله بكم مقدورا لي وفي وسعي { لقضي الأمر بيني وبينكم } أي لقضى الله الأمر بيننا بأن ينزله الله سبحانه بكم بسؤالي له وطلبي ذلك أو المعنى : لو كان العذاب الذي تطلبونه وتستعجلون به عندي وفي قبضتي لأنزلته بكم وعند ذلك يقضي الأمر بيني وبينكم { والله أعلم بالظالمين } وبالوقت الذي ينزل فيه عذابهم وبما تقتضيه مشيئته من تأخيره استدراجا لهم وإعذارا إليهم