ثم بين الله سبحانه نوعا آخر من جهالاتهم فقال : 140 - { قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها } أي بناتهم بالوأد الذي كانوا يفعلونه سفها : أي لأجل السفه : وهو الطيش والخفة لا لحجة عقلية ولا شرعية كائنا ذلك منهم { بغير علم } يهتدون به قوله : { وحرموا ما رزقهم الله } من الأنعام التي سموها بحائر وسوائب { افتراء على الله } أي للافتراء عليه أو افتروا افتراء عليه { قد ضلوا } عن طريق الصواب بهذه الأفعال { وما كانوا مهتدين } إلى الحق ولا هم من أهل الاستعداد لذلك .
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { وقالوا هذه أنعام وحرث حجر } قال : الحجر ما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { وقالوا هذه أنعام وحرث حجر } قال : ما جعلوا لله ولشركائهم وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة { وحرث حجر } قال : حرام وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال : يقولون حرام أن يطعم الابن شيئا { وأنعام حرمت ظهورها } قال : البحيرة والسائبة والحامي { وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها } إذا نحروها وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي وائل في قوله : { وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها } قال : لم تكن يحج عليها وهي البحيرة وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس { وقالوا ما في بطون هذه الأنعام } الآية قال : اللبن وأخرج هؤلاء إلا ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : السائبة والبحيرة محرم على أزواجنا قال : النساء { سيجزيهم وصفهم } قال : قولهم الكذب في ذلك وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : كانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه فكان للرجال دون النساء وإن كانت أنثى تركوها فلم تذبح وإن كانت ميتة كانوا فيها شركاء وأخرج عبد بن حميد والبخاري وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام { قد خسر الذين قتلوا أولادهم } إلى قوله : { وما كانوا مهتدين } وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة في الآية قال : نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : هذا صنع أهل الجاهلية كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السبي والفاقة ويغذو كلبه { وحرموا ما رزقهم الله } قال : جعلوه بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا تحكما من الشيطان في أموالهم