ثم أمره الله أن يقول لهؤلاء المشركين : { هلم شهداءكم } أي هاتوهم وأحضروهم وهو اسم فعل يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع عند أهل الحجاز وأهل نجد يقولون : هلما هلمي هلموا فينطقون به كما ينطقون بسائر الأفعال وبلغة أهل الحجاز نزل القرآن ومنه قوله تعالى : { والقائلين لإخوانهم هلم إلينا } والأصل عند الخليل ها ضمت إليها لم وقال غيره : أصلها هل زيدت عليهم الميم وفي كتاب العين للخليل : أن أصلها هل أؤم : أي هل أقصدك ثم كثر استعمالهم لها وهذا أيضا من باب التبكيت لهم حيث يأمرهم بإحضار الشهود على أن الله حرم تلك الأشياء مع علمه أن لا شهود لهم { فإن شهدوا } لهم بغير علم بل مجازفة وتعصب { فلا تشهد معهم } أي فلا تصدقهم ولا تسلم لهم فإنهم كاذبون جاهلون وشهادتهم باطلة { ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا } أي ولا تتبع أهواءهم فإنهم رأس المكذبين بآياتنا قوله : { والذين لا يؤمنون بالآخرة } معطوف على الموصول : أي لا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا وأهواء الذين لا يؤمنون بالآخرة { وهم بربهم يعدلون } أي يجعلون له عدلا من مخلوقاته كالأوثان والجملة إما في محل نصب على الحال أو معطوفة على لا يؤمنون .
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : { سيقول الذين أشركوا } قال : هذا قول قريش إن الله حرم هذا : أي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة { قل فلله الحجة البالغة } قال : السلطان وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قيل له : إن ناسا يقولون ليس الشر بقدر فقال ابن عباس : بيننا وبين أهل القدر هذه الآية : { سيقول الذين أشركوا } إلى قوله : { فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين } قال ابن عباس : والعجز والكيس من القدر وأخرج أبو الشيخ عن علي بن زيد قال : انقطعت حجة القدرية عند هذه الآية { قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين } وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله : { قل هلم شهداءكم } قال : أروني شهداءكم