قوله : 32 - { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } الزينة ما يتزين به الإنسان من ملبوس أو غيره من الأشياء المباحة كالمعادن التي لم يرد نهي عن التزين بها والجواهر ونحوها وقيل : الملبوس خاصة ولا وجه له بل هو من جملة ما تشمله الآية فلا حرج على من لبس الثياب الجيدة الغالية القيمة إذا لم يكن مما حرمه الله ولا حرج على من تزين بشيء من الأشياء التي لها مدخل في الزينة ولم يمنع منها مانع شرعي ومن زعم أن ذلك يخالف الزهد فقد غلط غلطا بينا وقد قدمنا في هذا ما يكفي وهكذا الطيبات من المطاعم والمشارب ونحوهما مما يأكله الناس فإنه لا زهد في ترك الطيب منها ولهذا جاءت الآية هذه معنونة بالاستفهام المتضمن للإنكار على من حرم ذلك على نفسه أو حرمه على غيره وما أحسن ما قال ابن جرير الطبري : ولقد أخطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان مع وجود السبيل إليه من حله ومن أكل البقول والعدس واختاره على خبز البر ومن ترك أكل اللحم خوفا من عارض الشهوة وقد قدمنا نقل مثل هذا عنه مطولا والطيبات المستلذات من الطعام وقيل : هو اسم عام لما طاب كسبا ومطعما : قوله : { قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا } أي أنها لهم بالأصالة وإن شاركهم الكفار فيها ما داموا في الحياة { خالصة يوم القيامة } أي مختصة بهم يوم القيامة لا يشاركهم فيها الكفار وقرأ نافع { خالصة } بالرفع وهي قراءة ابن عباس على أنها خبر بعد خبر وقرأ الباقون بالنصب على الحال قال أبو علي الفارسي : ولا يجوز الوقف على الدنيا لأن ما بعدها متعلق بقوله : { للذين آمنوا } حال منه بتقدير : قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها لهم يوم القيامة قوله : { كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون } أي مثل هذا التفصيل نفصل الآيات المشتملة على التحليل والتحريم