التراويح وتبين من قرائن حاله أن يصده الرياء بإظهار حسن القراءة ولولا اجتماع الناس خلفه وخلا في بيت وحده لما صلى لا يصح الاقتداء به فإن المصير إلى هذا بعيد جدا بل يظن بالمسلم أنه يقصد الثواب أيضا بتطوعه فتصح باعتبار ذلك القصد صلاته ويصح الاقتداء به وإن اقترن به قصد آخر وهو به عاص فأما إذا كان في فرض واجتمع الباعثان وكان كل واحد لا يستقل وإنما يحصل الانبعاث بمجموعهما فهذا لا يسقط الواجب عنه لأن الإيجاب لم ينتهض باعثا في حقه بمجرده واستقلاله وإن كان كل باعث مستقلا حتى لو لم يكن باعث الرياء لأدى الفرائض ولو لم يكن باعث الفرض لأنشأ صلاة تطوعا لأجل الرياء فهذا محل النظر وهو محتمل جدا فيحتمل أن يقال إن الواجب صلاة خالصة لوجه الله ولم يؤد الواجب الخالص ويحتمل أن يقال الواجب امتثال الأمر بباعث مستقل بنفسه وقد وجد فاقتران غيره به لا يمنع سقوط الفرض عنه كما لو صلى في دار مغصوبة فإنه وإن كان عاصيا بإيقاع الصلاة في الدار المغصوبة فإنه مطيع بأصل الصلاة ومسقط للفرض عن نفسه وتعارض الاحتمال في تعارض البواعث في أصل الصلاة أما إذا كان الرياء في المبادرة مثلا دون أصل الصلاة مثل من بادر إلى الصلاة في أول الوقت لحضور جماعة ولو خلا لأخر إلى وسط الوقت ولولا الفرض لكان لا يبتدئ صلاة لأجل الرياء فهذا مما يقطع بصحة صلاته وسقوط الفرض به لأن باعث أصل الصلاة من حيث إنها صلاة لم يعارضه غيره بل من حيث تعيين الوقت فهذا أبعد من القدح في النية هذا في رياء يكون باعثا على العمل وحاملا عليه وأما مجرد السرور بإطلاع الناس عليه إذا لم يبلغ أثره إلى حيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسد الصلاة .
فهذا ما نراه لائقا بقانون الفقه والمسألة غامضة من حيث أن الفقهاء لم يتعرضوا لها في فن الفقه والذين خاضوا فيها وتصرفوا لم يلاحظوا قوانين الفقه ومقتضى فتاوي الفقهاء في صحة الصلاة وفسادها بل حملهم الحرص على تصفية القلوب وطلب الإخلاص على إفساد العبادات بأن الخواطر وما ذكرناه هو الأقصد فيما نراه والعلم عند الله D فيه وهو عالم الغيب والشهادة وهو الرحمن الرحيم .
بيان دواء الرياء وطريق معالجة القلب فيه .
قد عرفت مما سبق أن الرياء محبط للأعمال وسبب للمقت عند الله تعالى وأنه من كبائر المهلكات وما هذا وصفه فجدير بالتشمير عن ساق الجد في إزالته ولو بالمجاهدة وتحمل المشاق فلا شفاء إلا في شرب الأدوية المرة البشعة وهذه مجاهدة يضطر إليها العباد كلهم إذ الصبي يخلق ضعيف العقل والتمييز ممتد العين إلى الخلق كثير الطمع فيهم فيرى الناس يتصنع بعضهم لبعض فيغلب عليه حب التصنع بالضرورة ويرسخ ذلك في نفسه وإنما يشعر بكونه مهلكا بعد كمال عقله وقد انغرس الرياء في قلبه وترسخ فيه فلا يقدر على قمعه إلا بمجاهدة شديدة ومكابدة لقوة الشهوات .
فلا ينفك أحد عن الحاجة إلى هذه المجاهدة ولكنها تشق أولا وتخف آخرا وفي علاجه مقامان .
أحدهما قلع عروقه وأصوله التي منها انشعابه .
والثاني دفع ما يخطر منه في الحال .
المقام الأول في قلع عروقه واستئصال أصوله وأصله حب المنزلة والجاه .
وإذا فضل رجع إلى ثلاثة أصول وهي لذة المحمدة والفرار من ألم الذم والطمع فيما في أيدي الناس .
ويشهد للرياء بهذه الأسباب وأنها الباعثة للمرائي ما روى أبو موسى أن أعرابيا سأل النبي A فقال يا رسول الله الرجل يقاتل // حديث أبي موسى أن أعرابيا قال يا رسول الله الرجل يقاتل حمية الحديث متفق عليه .
حمية ومعناه أنه يأنف أن يقهر أو يذم بأنه مقهور مغلوب وقال والرجل يقاتل ليرى مكانه وهذا هو طلب لذة الجاه والقدر