أمره .
فإذن سبيله في اكتساب التواضع أن يتواضع للأقران ولمن دونهم حتى يخف عليه التواضع المحمود في محاسن العادات ليزول به الكبر عنه فإن خف عليه ذلك فقد حصل له خلق التواضع وإن كان يثقل عليه وهو يفعل ذلك فهو متكلف لا متواضع بل الخلق ما يصدر عنه الفعل بسهولة من غير ثقل ومن غير روية فإن خف ذلك وصار بحيث يثقل عليه رعاية قدره حتى أحب التملق والتخاسس فقد خرج إلى طرف النقصان فليرفع نفسه إذ ليس للمؤمن أن تذل نفسه إلى أن يعود إلى الوسط الذي هو الصراط المستقيم وذلك غامض في هذا الخلق وفي سائر الأخلاق .
والميل عن الوسط إلى طرف النقصان وهو التملق أهون من الميل إلى طرف الزيادة بالتكبر كما أن الميل إلى طرف التبذير في المال أحمد عند الناس من الميل إلى طرف البخل فنهاية التبذير ونهاية البخل مذمومان وأحدهما أفحش وكذلك نهاية التكبر ونهاية التنقص والتذلل مذمومان وأحدهما أقبح من الآخر .
والمحمود المطلق هو العدل ووضع الأمور مواضعها كما يجب وعلى ما يجب كما يعرف ذلك بالشرع والعادة ولنقتصر على هذا القدر من بيان أخلاق الكبر والتواضع .
الشطر الثاني من الكتاب في العجب وفيه .
بيان ذم العجب وآفاته .
وبيان حقيقة العجب والإدلال وحدهما وبيان علاج العجب على الجملة وبيان أقسام ما به العجب وتفصيل علاجه بيان ذم العجب وآفاته .
اعلم أن العجب مذموم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله A .
قال الله تعالى ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ذكر ذلك في معرض الإنكار وقال D وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم وقال تعالى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهذا أيضا يرجع إلى العجب بالعمل .
وقد يعجب الإنسان بالعمل هو مخطئ فيه كما يعجب بعمل هو مصيب فيه .
وقال A ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه // حديث ثلاث مهلكات الحديث تقدم غير مرة .
وقال لأبي ثعلبة حيث ذكر آخر هذه الأمة فقال إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك // حديث أبي ثعلبة إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وقد تقدم .
وقال ابن مسعود الهالك في اثنتين القنوط والعجب .
وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر والقانط لا يسعى ولا يطلب والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى .
فالموجود لا يطلب والمحال لا يطلب والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له ومستحيلة في اعتقاد القانط فمن ههنا جمع بينهما .
وقد قال تعالى فلا تزكوا أنفسكم قال ابن جريج معناه إذا عملت خيرا فلا تقل عملت .
وقال زيد بن أسلم .
لا تبروها أي لا تعتقدوا أنها بارة وهو معنى العجب .
ووقى طلحة رسول الله A يوم أحد بنفسه فأكب عليه حتى أصيبت كفه فكأنه أعجبه فعله العظيم إذ فداه بروحه حتى جرح فتفرس ذلك عمر فيه فقال .
مازال يعرف في طلحة فأو منذ أصيبت أصبعه مع رسول الله A // حديث وقى طلحة رسول الله A بنفسه وأكب عليه حتى أصيبت كفه أخرجه البخاري من وراية قيس بن أبي حازم قال رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي A .
والنأو هو العجب في اللغة إلا أنه لم ينقل فيه أنه أظهره واحتقر مسلما ولما كان وقت الشورى قال له ابن عباس أين أنت من طلحة قال ذلك رجل فيه تحوة .
فإذا كان لا يتخلص من العجب أمثالهم فكيف يتخلص من الضعفاء إن