إن الله خلق آدم على صورته // حديث إن الله خلق آدم على صورته تقدم // حتى ظن القاصرون أن لا صورة إلا الصورة الظاهرة المدركة بالحواس فشبهوا وجسموا وصوروا تعالى الله رب العالمين عما يقول الجاهلون علوا كبيرا وإليه الإشارة بقوله تعالى لموسى عليه السلام مرضت فلم تعدنى فقال يا رب وكيف ذلك قال مرض عبدى فلان فلم تعده ولو عدته وجدتنى عنده // حديث قوله تعالى مرضت فلم تعدنى فقال وكيف ذاك قال مرض فلان الحديث تقدم // وهذه المناسبة لاتظهر إلا بالمواظبة على النوافل بعد إحكام الفرائض كما قال الله تعالى لا يزال يتقرب العبد إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ولسانه الذى ينطق به // حديث قوله تعالى لا يزال يتقرب العبد إلى بالنوافل حتى أحبه الحديث أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقد تقدم // وهذا موضع يجب قبض عنان القلم فيه فقد تحزب الناس فيه إلى قاصرين مالوا إلى التشبيه الظاهر وإلى غالين مسرفين جاوزوا حد المناسبة إلى الاتحاد وقالوا بالحلول حتى قال بعضهم أنا الحق وضل النصارى في عيسى عليه السلام فقالوا هو الإله وقال آخرون منهم تذرع الناسوت باللاهوت وقال آخرون اتحد به وأما الذين انكشف لهم استحالة التشبيه والتمثيل واستحالة الانحاد والحلول واتضح لهم مع ذلك حقيقة السر فهم الأقلون ولعل أبا الحسن النوري عن هذا المقام كان ينظر إذا غلبه الوجد في قول القائل .
لازلت أنزل من ودادك منزلا ... تتحير الألباب عند نزوله .
فلم يزل يعدو في وجده على أجمة قد قطع قصبها وبقى أصوله حتى تشققت قدماه وتورمتا مات من ذلك وهذا هوأعظم أسباب الحب وأقواها وهو أعزها وأبعدها وأقلها وجودا فهذه هى المعلومة من أسباب الحب وجملة ذلك متظاهرة في حق الله تعالى تحقيقا لا مجانا وفي أعلى الدرجات لا في أدناها فكان المعقول المقبول عند ذوى البصائر حب الله تعالى فقط كما أن المعقول الممكن عند العميان حب غير الله تعالى فقط ثم كل من يحب من الخلق بسبب من هذه الأسباب يتصور أن يحب غير لمشاركته إياه في السبب والشركة نقصان في الحب وغض من كماله ولا ينفرد أحد بوصف محبوب إلا وقد يوجد له شريك فيه فإن لم يوجد فيمكن أن يوجد إلا الله تعالى فإنه موصوف بهذه الصفات التى هى نهاية الجلال والكمال ولا شريك له في ذلك وجودا ولا يتصور أن يكون ذلك إمكانا فلا جرم لا يكون في حبه شركة فلا يتطرق النقصان إلى حبه كما لا تتطرق الشركة إلى صفاته فهو المستحق إذا لأصل المحبة ولكمال المحبة استحقاقا لا يساهم فيه أصلا .
بيان أن أجل اللذات وأعلاها معرفة الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم .
وأنه لا يتصور أن لا يؤثر عليها لذة أخرى إلا من حرم هذه اللذة .
أعلم أن اللذات تابعة للإدراكات والإنسان جامع لجملة من القوى والغرائز ولكل قوة وغريزة لذة ولذتها في نيلها المقتضى طبعها الذى خلقت له فإن هذه الفرائز ما ركبت في الإنسان عبثا بل ركبت كل قوة وغريزة لأمر من الأمور هو مقتضاها بالطبع فغريزة الغضب خلقت للنشفى والانتقام فلا جرم لذتها في الغلبة والانتقام الذى هو مقتضى طبعها وغريزة شهوة الطعام مثلا خلقت لتحصيل الغذاء الذى به القوام فلا جرم لذتها في نيل هذا الغذاء الذى هو مقتضى طبعها وكذلك لذة السمع والبصر والشم في الإبصار والاستماع والشم فلا تخلو غريزة من هذه الغرائز عن ألم ولذة بالإضافة إلى مدركاتها فكذلك في القلب غريزة تسمى النور الإلهى لقوله تعالى أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه وقد تسمى العقل وقد تسمى البصيرة الباطنة وقد تسمى