ما سأله أحد شيئا فقال لا ولكنه إن لم يقدر عليه سكت // حديث ما سأله أحد شيئا فقال لا إن لم يقدر عليه سكت أخرجه مسلم من حديث جابر وللبزار من حديث أنس أو يسكت // وفي الخبر يصبح ابن آدم وعلى كل سلامى من جسده صدقة يعني المفصل وفي جسده ثلثمائة وستون مفصلا فأمرك بالمعروف صدقة ونهيك عن المنكر صدقة وحملك عن الضعيف صدقة وهدايتك إلى الطريق صدقة وإماطتك الأذى صدقة حتى ذكر التسبيح والتهليل ثم قال وركعتا الضحى تأتي على ذلك كله أو تجمعن لك ذلك كله // حديث يصبح ابن آدم وعلى كل سلامى من جسده صدقة الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي ذر // .
بيان اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال .
اعلم أن المريد لحرث الآخرة السالك لطريقها لا يخلو عن ستة أحوال فإنه إما عابد وإما عالم وإما متعلم وإما وال وإما محترف وإما موحد مستغرق بالواحد الصمد عن غيره الأول العابد وهو المتجرد للعبادة الذي لا شغل له غيرها أصلا ولو ترك العبادة لجلس بطالا فترتيب أوراده ما ذكرناه نعم لا يبعد أن تختلف وظائفه بأن يستغرق أكثر أوقاته إما في الصلاة أو القراءة أو في التسبيحات فقد كان في الصحابة Bهم من ورده في اليوم اثنا عشر ألف تسبيحة وكان فيهم من ورده ثلاثون ألفا وكان فيهم من ورده ثلثمائة ركعة إلى ستمائة وإلى ألف ركعة وأقل ما نقل في أورادهم من الصلاة مائة ركعة في اليوم والليلة وكان بعضهم أكثر ورده القرآن وكان يختم الواحد منهم في اليوم مرة وروى مرتين عن بعضهم وكان بعضهم يقضي اليوم أو الليل في التفكر في آية واحدة يرددها وكان كرز بن وبرة مقيما بمكة فكان يطوف في كل يوم سبعين أسبوعا وفي كل ليلة سبعين أسبوعا وكان مع ذلك يختم القرآن في اليوم والليلة مرتين فحسب ذلك فكان عشرة فراسخ ويكون مع كل أسبوع ركعتان فهو مائتان وثمانون ركعة وختمتان وعشرة فراسخ فإن قلت فما الأولى أن يصرف إليه أكثر الأوقات من هذه الأوراد فاعلم أن قراءة القرآن في الصلاة قائما مع التدبر يجمع الجميع ولكن ربما تعسر المواظبة عليه فالأفضل يختلف باختلاف حال الشخص ومقصود الأوراد تزكية القلب وتطهيره وتحليته بذكر الله تعالى وإيناسه به فلينظر المريد إلى قلبه فما يراه أشد تأثيرا فيه فليواظب عليه فإذا أحس بملالة منه فلينتقل إلى غيره ولذلك نرى الأصوب لأكثر الخلق توزيع هذه الخيرات المختلفة على الأوقات كما سبق والانتقال فيها من نوع إلى نوع لأن الملال هو الغالب على الطبع وأحوال الشخص الواحد في ذلك أيضا تختلف ولكن إذا فهم فقه الأوراد وسرها فليتبع المعنى فإن سمع تسبيحة مثلا وأحس لها بوقع قلبه فليواظب على تكرارها ما دام يجد لها وقعا وقد روى عن إبراهيم بن أدهم عن بعض الأبدال أنه قام ذات ليلة يصلى على شاطىء البحر فسمع صوتا عاليا بالتسبيح ولم ير أحدا فقال من أنت أسمع صوتك ولا أرى شخصك فقال أنا ملك من الملائكة موكل بهذا البحر أسبح الله تعالى بهذا التسبيح منذ خلقت قلت فما اسمك قال مهلهيائيل قلت فما ثواب من قاله قال من قاله مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له والتسبيح هو قوله سبحان الله العلي الديان سبحان الله الشديد الأركان سبحان من يذهب بالليل ويأتي بالنهار سبحان من لا يشغله شأن عن شأن سبحان الله الحنان المنان سبحان الله المسبح في كل مكان فهذا وأمثاله إذا سمعه المريد ووجد له في قلبه وقعا فليلازمه وأيا ما وجد القلب عنده وفتح له فيه خير فليواظب عليه الثاني العالم الذي ينفع الناس بعلمه في فتوى أو تدريس أو تصنيف فترتيبه الأوراد يخالف ترتيب العابد فإنه يحتاج إلى المطالعة للكتب وإلى التصنيف والإفادة ويحتاج إلى مدة لها لا محالة فإن أمكنه استغراق الأوقات فيه فهو أفضل ما يشتغل