بسم الله الرحمن الرحيم .
كتاب آداب الأكل وهو الكتاب الأول من ربع العادات من كتاب إحياء .
العلوم .
الحمد لله الذي أحسن تدبير الكائنات فخلق الأرض والسماوات .
وأنزل الماء الفرات من المعصرات فأخرج به الحب والنبات .
وقدر الأرزاق والأفوات .
وحفظ بالمأكولات قوى الحيوانات وأعان على الطاعات والأعمال الصالحات بأكل الطيبات والصلاة على محمد ذي المعجزات الباهرات وعلى آله وأصحابه صلاة تتوالى على ممر الأوقات وتتضاعف بتعاقب الساعات وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد فإن مقصد ذوي الألباب لقاء الله تعالى في دار الثواب ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلى بالعلم والعمل ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن ولا تصفو سلامة البدن إلا بالأطعمة والأقوات والتناول منها بقدر الحاجة على تكرر الأوقات فمن هذا الوجه قال بعض السلف الصالحين إن الأكل من الدين وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين كلوا من الطيبات واعملوا صالحا فمن يقدم على الأكل ليستعين به على العلم والعمل ويقوى به على التقوى فلا ينبغي أن يترك نفسه مهملا سدى يسترسل في الأكل استرسال البهائم في المرعى فإن ما هو ذريعة إلى الدين ووسيلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدين عليه .
وإنما أنوار الدين آدابه وسننه التي يزم العبد بزمامها ويلجم المتقى بلجامها حتى يتزن بميزان الشرع شهوة الطعام في إقدامها وإحجامها فيصير بسببها مدفعة للوزر ومجلبة للأجر وإن كان فيها أوفى حظ للنفس .
قال A إن الرجل ليؤجر حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه والى في امعليه السلام رأته // حديث إن الرجل ليؤجر في اللقمة يرفعها إلى فيه وإلى في امرأته أخرجه البخاري من حديث لسعد بن أبي وقاص وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك // .
وإنما ذلك إذا رفعها بالدين وللدين مراعيا فيه آدابه ووظائفه .
وها نحن نرشد إلى وظائف الدين في الأكل فرائضها وسننها وآدابها ومروءاتها وهيئاتها في أربعة أبواب وفصل في آخرها .
الباب الأول فيما لا بد للآكل من مراعاته وإن انفرد بالأكل .
الباب الثاني فيما يزيد من الآداب بسبب الاجتماع على الأكل .
الباب الثالث فيما يخص تقديم الطعام إلى الإخوان الزائرين .
الباب الرابع فيما يخص الدعوة والضيافة وأشباهها