إن أكل وحده وإن أكل مع غيره فلا ينبغي أن يفعل ذلك .
فإذا قدم الطست إليه غيره إكراما له فليقبله .
اجتمع أنس بن مالك وثابت البناني Bهما على طعام فقدم أنس الطست إليه فامتنع ثابت فقال أنس إذا أكرمك أخوك فاقبل كرامته ولا تردها فإنما يكرم الله D وروى أن هارون الرشيد دعا أبا معاوية الضرير فصب الرشيد على يده في الطست فلما فرغ قال يا أبا معاوية تدري من صب على يدك فقال لا قال صبه أمير المؤمنين فقال .
يا أمير المؤمنين إنما أكرمت العلم وأجللته فأجلك الله وأكرمك كما أجللت العلم وأهله .
ولا بأس أن يجتمعوا على غسل اليد في الطست في حالة واحدة فهو أقرب إلى التواضع وأبعد عن طول الانتظار .
فإن لم يفعلوه فلا ينبغي أن يصب ماء كل واحد بل يجمع الماء في الطست قال A اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم // حديث اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم رواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة بإسناد لا بأس به وجعل ابن طاهر مكان أبي هريرة إبراهيم وقال إنه معضل وفيه نظر // .
قيل إن المراد هذا .
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار لا يرفع الطست من بين يدي قوم إلا مملوءة ولا تشبهوا بالعجم .
وقال ابن مسعود اجتمعوا على غسل اليد في طست واحد ولا تستنوا بسنة الأعاجم .
والخادم الذي يصب الماء على اليد كره بعضهم أن يكون قائما وأحب أن يكون جالسا لأنه أقرب إلى التواضع وكره بعضهم جلوسه فروى أنه صب الماء على يد واحد خادم جالسا فقام المصبوب عليه فقيل له لم قمت فقال أحدنا لا بد وأن يكون قائما .
وهذا أولى لأنه أيسر للصب وللغسل وأقرب إلى تواضع الذي يصب وإذا كان له نية فيه فتمكينه من الخدمة ليس فيه تكبر فإن العادة جارية بذلك ففي الطست إذا سبعة آداب أن لا يبزق فيه وأن يقدم به المتبوع وأن يقبل الإكرام بالتقديم وأن يدار يمنة وأن يجتمع فيه جماعة وأن يجمع الماء فيه وان يكون الخادم قائما وأن يمج الماء من فيه ويرسله من يده برفق حتى لا يرش على الفراش وعلى أصحابه وليصب صاحب المنزل بنفسه الماء على يد ضيفه هكذا فعل مالك بالشافعي Bهما في أول نزوله عليه وقال لا يروعك ما رأيت مني فخدمة الضيف فرض .
السادس أن لا ينظر إلى أصحابه ولا يراقب أكلهم فيستحيون بل يغض بصره عنهم ويشتغل بنفسه ولا يمسك قبل إخوانه إذا كانوا يحتشمون الأكل بعده بل يمد اليد ويقبضها ويتناول قليلا قليلا إلى أن يستوفوا فإن كان قليل الأكل توقف في الابتداء وقلل الأكل حتى إذا توسعوا في الطعام أكل معهم أخيرا فقد فعل ذلك كثير من الصحابة Bهم فإن امتنع لسبب فليعتذر إليهم دفعا للخجلة عنهم .
السابع أن لا يفعل ما يستقذره غيره فلا ينفض يده في القصعة ولا يقدم إليها رأسه عند وضع اللقمة في فيه وإن أخرج شيئا من فيه صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره ولا يغمس اللقمة الدسمة في الخل ولا الخل في الدسومة فقد يكرهه غيره واللقمة التي قطعها بسنه لا يغمس بقيتها في المرقة والخل ولا يتكلم بما يذكر المستقذرات .
الباب الثالث في آداب تقديم الطعام إلى الإخوان الزائرين .
تقديم الطعام إلى الإخوان فيه فضل كثير .
قال جعفر بن محمد Bهما إذا قعدتم مع الإخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس فإنها ساعة لا تحسب عليكم من أعماركم .
وقال الحسن C كل نفقة ينفقها الرجل على نفسه وأبويه فمن دونهم يحاسب عليها ألبتة إلا نفقة الرجل على إخوانه في الطعام فإن الله يستحي أن يسأل عن ذلك .
هذا مع ما ورد من الأخبار في الإطعام قال A لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة