ما لا يغير البحر الخضم فلا ينبغي أن يقاس عليه غيره .
وأما عيسى A فإنه أخذ بالحزم لا بالقوة واحتاط لنفسه ولعل حالته كانت حالة يؤثر فيها الاشتغال بالأهل أو يتعذر معها طلب الحلال أو لا يتيسر فيها الجمع بين النكاح والتخلي للعبادة فآثر التخلي للعبادة وهم اعلم بأسرار أحوالهم وأحكام أعصارهم في طيب المكاسب وأخلاق النساء وما على الناكح من غوائل النكاح وما له فيه ومهما كانت الأحوال منقسمة حتى يكون النكاح في بعضها أفضل وتركه في بعضها افضل فحقنا أن ننزل أفعال الأنبياء على الأفضل في كل حال والله أعلم .
الباب الثاني فيما يراعي حالة العقد من أحوال المرأة وشروط العقد .
أما العقد فأركانه وشروطه لينعقد ويفيد الحل أربعة .
الأول إذن الولي فإن لم يكن فالسلطان .
الثاني رضا المرأة إن كانت ثيبا بالغا أو كانت بكرا بالغا ولكن يزوجها غير الأب والحد .
الثالث حضور شاهدين ظاهري العدالة فإن كانا مستورين حكمنا بالانعقاد للحاجة .
الرابع إيجاب وقبول متصل به بلفظ الإنكاح أو التزويج أو معناهما الخاص بكل لسان من شخصين مكلفين ليس فيهما امرأة سواء كان هو الزوج أو الولي أو وكيلهما .
وأما آدابه .
فتقديم الخطبة مع الولي لا في حال عدة المرأة بل بعد انقضائها إن كانت معتدة ولا في حال سبق غيره بالخطبة إذ نهي عن الخطبة على الخطبة // حديث النهي عن الخطبة على الخطبة متفق عليه من حديث ابن عمر ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبل ويأذن له .
ومن آدابه .
الخطبة قبل النكاح ومزج التحميد بالإيجاب والقبول فيقول المزوج الحمد لله والصلاة على رسول الله زوجتك ابنتي فلانة .
ويقول الزوج الحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت نكاحها على هذا الصداق .
وليكن الصداق معلوما خفيفا والتحميد قبل الخطبة أيضا مستحب ومن آدابه .
أن يلقى أمر الزوج إلى سمع الزوجة وإن كانت بكرا فذلك أحرى وأولى بالألفة ولذلك يستحب النظر إليها قبل النكاح فإنه أحرى أن يؤدم بينهما .
ومن الآداب إحضار جمع من أهل الصلاح زيادة على الشاهدين اللذين هما ركنان للصحة ومنها أن ينوي بالنكاح إقامة السنة وغض البصر وطلب الولد وسائر الفوائد التي ذكرناها ولا يكون قصده مجرد الهوى والتمتع فيصير عمله من أعمال الدنيا ولا يمنع ذلك هذه النيات فرب حق يوافق الهوى .
قال عمر بن عبد العزيز C إذا وافق الحق الهوى فهو الزبد بالنرسيان ولا يستحيل أن يكون كل واحد من حظ النفس وحق الدين باعثا معا ويستحب أن يعقد في المسجد وفي شهر شوال .
قالت عائشة Bها تزوجني رسول الله A في شوال وبنى بي في شوال // حديث عائشة تزوجني رسول الله A في شوال وبنى بي في شوال رواه مسلم // .
وأما المنكوحة فيعتبر فيها نوعان أحدهما للحل .
والثاني لطيب المعيشة وحصول المقاصد .
النوع الأول ما يعتبر فيها للحل وهو أن تكون خلية عن موانع النكاح والموانع تسعة عشر الأول أن .
تكون منكوحة للغير .
الثاني أن تكون معتدة للغير سواء كانت عدة وفاة أو طلاق أو وطء شبهة أو كانت في استبراء وطء عن ملك يمين .
الثالث أن تكون مرتدة عن الدين لجريان كلمة على لسانها من كلمات الكفر .
الرابع أن تكون مجوسية .
الخامس أن تكون وثنية أو زنديقة لا تنسب إلى نبي وكتاب ومنهن المعتقدات لمذهب الإباحة فلا يحل نكاحهن وكذلك كل معتقدة مذهبا فاسدا يحكم بكفر معتقده .
السادس أن تكون كتابية قد دانت بدينهم بعد التبديل أو بعد مبعث رسول الله A ومع ذلك فليست من نسب بني إسرائيل فإذا عدمت كلتا الخصلتين