أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض .
ودخل رجل على داود الطائي فقال له ما حاجتك فقال زيارتك فقال أما أنت فقد عملت خيرا حين زرت ولكن انظر ماذا ينزل بي أنا إذا قيل لي من أنت فتزار أمن الزهاد أنت لا و الله أمن العباد أنت لا و الله أمن الصالحين أنت لا و الله .
ثم اقبل يوبخ نفسه ويقول كنت في الشبيبه فاسقا فلما شخت صرت مرائيا و الله للمرائي شر من الفاسق وقال عمر Bه إذا أصاب أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك .
وقال مجاهد المتحابون في الله إذا التقوا فكشر بعضهم إلى بعض تتحات عنهم الخطايا كما يتحات ورق الشجر في الشتاء إذا يبس .
وقال الفضيل نظر الرجل إلى وجه أخيه على المودة و الرحمة عبادة .
بيان معنى الأخوة في الله وتمييزها من الأخوة في الدنيا .
اعلم أن الحب في الله والبغض في الله غامض وينكشف الغطاء عنه نما نذكره وهو أن الصحبة تنقسم إلى ما يقع بالاتفاق كالصحبة بسبب الجوار أو بسبب الاجتماع في المكتب أو في المدرسة أو في السوق أو على باب السلطان أو في الأسفار والى ما ينشأ اختيارا ويقصد وهو الذي نريد بيانه إذ الأخوة في الدين واقعة في هذا القسم لا محالة إذ لا ثواب إلا على الأفعال الاختيارية ولا ترغيب إلا فيها .
و الصحبة عبارة عن المجالسة و المجاورة .
وهذه الأمور لا يقصد الإنسان بها غيره إلا إذا أحبه فإن غير المحبوب يجتنب ويباعد ولا تقصد مخالطته والذي يحب فإما أن يحب لذاته لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه و إما أن يحب للتوصل به إلى مقصود وذلك المقصود إما أن يكون مقصورا على الدنيا وحظوظها وإما أن يكون متعلقا بالآخرة وإما أن يكون متعلقا بالله تعالى فهذه أربعة أقسام .
أما القسم الأول وهو حبك الإنسان لذاته فذلك ممكن وهو أن يكون في ذاته محبوبا عندك على معنى أنك تلتذ برؤيته ومعرفته ومشاهدة أخلاقه لاستحسانك له فإن كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله وكل لذيذ محبوب .
و اللذة تتبع الاستحسان و الاستحسان يتبع المناسبة و الملاءمة و الموافقة بين الطباع ثم ذلك المستحسن إما أن يكون هو الصورة الظاهرة أعني حسن الخلقة وإما أن يكون هو الصورة الباطنة أعنى كمال العقل وحسن الأخلاق ويتبع حسن الأخلاق حسن الأفعال لا محالة ويتبع كمال العقل غزارة العلم وكل ذلك مستحسن عند الطبع السليم و العقل المستقيم وكل مستحسن فمستلذ به ومحبوب بل في ائتلاف القلوب أمر أغمض من هذا فإنه قد تستحكم المودة بين شخصين من غير ملاحة في صورة ولا حسن في خلق وخلق ولكن لمناسبة توجب الألفة و الموافقة فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع والأشياء الباطنة خفية ولها أسباب دقيقة ليس في قوة البشر الاطلاع عليها عبر رسول الله A عن ذلك حيث قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف // حديث الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة و البخاري تعليقا من حديث عائشة // .
فالتناكر نتيجة التباين و الائتلاف نتيجة التناسب الذي عبر عنه بالتعارف .
وفي بعض الألفاظ الأرواح جنود مجندة تلتقي فتتشام في الهواء // حديث الأرواح تلتقي فتتشام في الهواء أخرجه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث علي إن الأرواح في الهواء جند مجندة تلتقي فتتشام الحديث // .
وقد كنى بعض العلماء عن هذا بأن قال أن الله تعالى خلق الأرواح ففلق بعضها فلقا وأطافها حول العرش فأي روحين من فلقتين تعارفا هناك فالتقيا تواصلا في الدنيا .
و قال A إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط // حديث أن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط أخرجه احمد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ نلتقي وقال أحدهم وفيه ابن لهيعة عن دراج // .
وروي إن امرأة بمكة كانت تضحك